الأسطول
التجاريّ، ويكسب رزقه من عمله في البحر، وقد أعطاه أحد المسلمين ترجمةً لمعاني
القرآن الكريم ليقرأها، ولم يكن هذا البحَّار يعرف شيئاً عن تاريخ الإسلام، لكنَّه
كان مهتمّاً بقراءة القرآن الكريم. وعندما أنهى قراءته، حمله وعاد به الى المسلم
الَّذي أعطاه إياه، وسأله: (مُحمَّدٌ
هذا.. أكان بحَّاراً؟)، فقد كان الرجل مندهشاً من تلك
الدِّقَّة الَّتي يصف بها القرآن العاصفة على سطح البحر. وعندما جاءه الردُّ: (لا، في الحقيقة لم يكن. فمحمَّدٌ عاش في
الصَّحراء)
لقد كان
هذا كافياً له ليُعلن إسلامه على الفور، لقد كان مُتأثِّراً جدّاً بالوصف
القرآنيِّ للعاصفة البحريَّة، لأنَّه بنفسه كان مرَّةً في خِضَمِّها، وكان لذلك
يعلم أنَّه أيّاً من كان الَّذي كتب هذا الوصف، فإنَّه لا بُدَّ وقد عاش هذه
العاصفة بنفسه، فالوصف الَّذي جاء في القرآن عن العاصفة لم يكن شيئاً يستطيع أن
يكتبه أيُّ كاتبٍ من محض خياله، والموج الَّذي من فوقه موجٌ من فوقه سحاب لم يكن
شيئاً يمكن لأحدهم تخيُّله والكتابة عنه، بل إنَّه وصفٌ كتبه من يعرف حقاًّ كيف
تبدو العاصفة البحريَّة.
التفت
إلي، وقال: هذا مثلٌ واحدٌ على أنَّ القرآن ليس مرتبطاً بزمان أو مكان، ومن المؤكد
أنَّ الإشارات العلميَّة الَّتي يُعبِّر عنها لا يمكن أن يكون أصلها من الصَّحراء
قبل أربعة عشر قرناً مضت.
لقرونٍ
عدَّةٍ قبل ظهور رسالة محمَّدٍ a، كانت هناك نظريَّةٌ معروفةٌ عن الذرَّة وضعها الفيلسوف
اليوناني ديموقريتوس، فهذا الفيلسوف والَّذين جاءوا من بعده افترضوا أنَّ المادَّة
تتكوَّن من دقائق صغيرةٍ غير مرئيَّةٍ وغير قابلةٍ للانقسام تسمى الذرَّات. وكان
العرب أيضاً قد أَلِفُوا هذا المفهوم، فكانت في الواقع كلمة (ذرَّة) في العربيَّة
تعني أصغر جزءٍ كان معروفاً للإنسان.
أمَّا
الآن فإنَّ العلم الحديث قد اكتشف بأنَّ هذه الوحدة الأصغر للمادَّة ـ وهي الذرَّة
الَّتي