نام کتاب : منابع الهداية الصافية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 218
ثم بين الحكم المرتبطة بكل حادثة،
فذكر أن الأول كان في زمن الطفولة، لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان،
ثم عند البعث زيادة في إكرامه ليتلقى ما يوحى اليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من
التطهير، ثم عند الاسراء ليتأهب للمناجاة.
ومن الروايات الواردة في هذا، والتي
توضح حقيقة ما جرى ببعض التفصيل ما روي عن أبي هريرة أنه سأل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: يا رسول الله ما
أول ما ابتدئت به من أمر النبوة؟ فقال: (إذ سألتني إني لفي صحراء أمشي ابن عشر حجج
إذا أنا برجلين فوق رأسي يقول أحدهما لصاحبه: أهو هو؟ قال: نعم فأخذاني فلصقاني
بحلاوة القفا ثم شقا بطني فكان جبريل يختلف بالماء في طست من ذهب وكان ميكائيل
يغسل جوفي فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره فإذا صدري فيما أرى مفلوقا لا أجد له
وجعا ثم قال: اشقق قلبه فشق قلبي فقال: أخرج الغل والحسد منه فأخرج شبه العلقة فنبذه
ثم قال: أدخل الرأفة والرحمة في قلبه فأدخل شيئا كهيئة الفضة، ثم أخرج ذرورا كان
معه، فذر عليه، ثم نقر إبهامي، ثم قال: اغد فرجعت بما لم أغد به من رحمتي على
الصغير ورقتي على الكبير)[1]
وهذا الحديث عجيب، ومتناقض تماما مع
سنة الله تعالى في اختبار عباده؛ فإذا كان الغل والحسد والقسوة والغلظة مرتبطين
بخلايا أو أنسجة موجودة في الجسم، فلم لا يريح الله عباده منها بإتاحة مثل هذه
العمليات لهم؟
فإن قيل: إن التكليف والابتلاء
يستلزمان وجود كل ذلك؛ فكيف خُص رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بذلك دون سائر الناس؟ وكيف اعتبره
القرآن الكريم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم صاحب خلق عظيم مع أن الخلق العظيم الذي حصل له لم يبذل فيه أي
جهد، ولم يعان في سبيل تحصيله أي عناء، بل الفضل للملائكة الذين طهروره من تلك
الأدواء، ووضعوا بدلها الرأفة