نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 214
[الحديث: 508] قال الإمام علي: (طوبى لمن ذل في نفسه، وطاب كسبه، وصلحت
سريرته وحسنت خليقته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من لسانه، وعزل عن الناس
شره، ووسعته السنة، ولم ينسب إلى بدعة)[1]
[الحديث: 509] قال الإمام علي عند تلاوته لقوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا
تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [النور: 37]: (إن
الله سبحانه جعل الذكر جلاء للقلوب، تسمع به بعد الوقرة، وتبصر به بعد العشوة،
وتنقاد به بعد المعاندة، وما برح لله عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة، وفي أزمان
الفترات، عباد ناجاهم في فكرهم، وكلمهم في ذات عقولهم، فاستصبحوا بنور يقظة في
الاسماع والابصار والافئدة، يذكرون بأيام الله، ويخوفون مقامه، بمنزلة الادلة في
الفلوات، من أخذ القصد حمدوا إليه طريقة، وبشروه بالنجاة ومن أخذ يمينا وشمالا
ذموا إليه الطريق وحذروه من الهلكة.. وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات وأدلة تلك
الشبهات وإن للذكر لاهلا أخذوه من الدنيا بدلا، فلم تشغلهم تجارة ولابيع عنه،
يقطعون به أيام الحياة ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين، ويأمرون
بالقسط، ويأتمرون به، وينهون عن المنكر، ويتناهون عنه، فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرة
وهم فيها، فشاهدوا ما وراء ذلك، فكأنما اطلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الاقامة
فيه، وحققت القيامة عليهم عداتها، فكشفوا غطاء ذلك لاهل الدنيا حتى كأنهم يرون ما
لايرى الناس، ويسمعون مالايسمعون.. فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة،
ومجالسهم المشهودة، وقد نشروا دواوين أعمالهم، وفرغوا لمحاسبة أنفسهم على كل صغيرة
وكبيرة، امروا بها فقصروا عنها، ونهوا عنها ففرطوا فيها، وحملوا ثقل أوزارهم
ظهورهم، فضعفوا عن الاستقلال بها، فنشجوا نشيجا وتجاوبوا نحيبا يعجون إلى ربهم من
مقام ندم واعتراف،