نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 138
ولولا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في
أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم فصغر
ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها، فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد
رآها، فهم فيها معذبون .. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة،
وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة .. صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة، تجارة
مربحة، يسرها لهم ربهم .. أرادتهم الدنيا ولم يريدوها، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها
.. أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا، يحزنون به أنفسهم،
ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت
نفوسهم إليها شوقا، وظنوا أنها نصب أعينهم، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها
مسامع قلوبهم، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم، فهم حانون على أوساطهم،
مفترشون لجباههم وأكفهم، وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله في فكاك رقابهم .. وأما
النهار فحلماء علماء، أبرار أتقياء، قد براهم الخوف بري القداح، ينظر إليهم الناظر
فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ويقول: قد خولطوا! ولقد خالطهم أمر عظيم! لا
يرضون من أعمالهم القليل، ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهمون، ومن أعمالهم
مشفقون .. إذا زكي أحد منهم خاف مما يقال له، فيقول: أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي
أعلم مني بنفسي! اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني أفضل مما يظنون، واغفر لي
ما لا يعلمون .. فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في
يقين، وحرصا في علم، وعلما في حلم، وقصدا في غنى، وخشوعافي عبادة، وتجملا في فاقة،
وصبرا في شدة، وطلبا في حلال، ونشاطا في هدى، وتحرجا عن طمع .. يعمل الأعمال
الصالحة وهو على وجل، يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر،
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 138