ذلك بالشيخ محيي الدين ابن عربي (ت 638)، حيث نقل عنه الشيخ عبد الوهّاب
الشعراني قوله بأن مصحف عثمان ناقص عمّا نزل على رسول اللّه a من قرآن، (قال: وقد زعم
بعض أهل الكشف أنّه سقط من مصحف عثمان كثير من المنسوخ، وقال: ولو أنّ رسول اللّه a كان هو الذي تولّى جمع
القرآن لوقفنا وقلنا: هذا وحده هو الذي نتلوه إلى يوم القيامة، وقال: (ولولا ما
يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبيّنت جميع ما سقط من مصحف عثمان..
قال: وأمّا ما استقرّ في مصحف عثمان فلم ينازع أحد فيه)[1]
وهكذا كان القول بنسخ التلاوة، هو المقدمة للقول بنقصان القرآن الكريم،
ولهذا انبرى العلماء من الفريقين في الرد على هذا، يقول الشيخ المعرفة: (هناك
مزعومة لهج بها كثير من أصحاب الحديث وجماعة من اصوليّ العامّة، حاولوا معالجة ما
صحّ لديهم من روايات تنمّ عن ضياع كثير من آي القرآن، فحاولوا توجيهها بأسلوب
مختلق، قالوا: إنّها من منسوخ التلاوة، ولو فرض الحكم باقيا مع الأبد، كما في آية
(الرضعات العشر) وآية (رجم الشيخ والشيخة) وآية (لا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب)
وغيرهنّ كثير، حسبوها آيات قرآنية، كانت تتلى على عهده a، لكنّها رفعت فيما بعد ونسيت عن
الصدور، وإن بقي حكمها واجب العمل أبدا. وبهذا الاسلوب الغريب حاولوا توجيه ما
عساه كان ثابتا لديهم من صحاح الأحاديث)[2]
ثم بين موقف علماء المدرسة الشيعية بقوله: (أمّا علماؤنا المحقّقون فقد
شطبوا على هكذا روايات تخالف صريح القرآن، ولم يصحّ لديهم شيء من أسانيدها بتاتا،
ولأنّ كتاب اللّه العزيز الحميد أعزّ شأنا وأعظم جانبا من أن يحتمل التحريف.. هذا
مضافا إلى أنّ توجيه
[1]
نقل ذلك الشيخ الشعراني في كتابه (الكبريت الأحمر) المطبوع على هامش (اليواقيت
والجواهر)، ج 1، ص 139..