الغلط غلط آخر بل أفحش، الأمر الذي ارتكبه القوم مع الأسف)[1]
ويضرب مثالا على موقف بعض علماء المدرسة السنية الكبار وتساهلهم مع ما
يطلق عليه [نسخ التلاوة] مقارنة بالموقف المتشدد من علماء المدرسة الشيعية، فيقول:
(فهذا الإمام المحقّق الاصولي محمد بن أحمد السرخسي، بينما ينكر أشدّ الإنكار
مسألة وقوع النسخ بعد وفاة الرسول a تراه يعترف بمسألة نسخ التلاوة دون الحكم، ويؤوّلها إلى
إمكان سبق النسخ على الوفاة مع خفائه على الصحابة الأوّلين)[2]
ثم نقل قوله: (وأمّا نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فبيانه ـ فيما قال
علماؤنا ـ: إنّ صوم كفّارة اليمين ثلاثة أيّام متتابعة، بقراءة ابن مسعود: (فصيام
ثلاثة أيّام متتابعات) وقد كانت هذه قراءة مشهورة إلى زمن أبي حنيفة، ولكن لم يوجد
فيه النقل المتواتر الذي يثبت بمثله القرآن، وابن مسعود لا يشكّ في عدالته وإتقانه؛
فلا وجه لذلك إلّا أن نقول: كان ذلك ممّا يتلى في القرآن كما حفظه ابن مسعود، ثمّ
انتسخت تلاوته في حياة الرسول a بصرف اللّه القلوب عن حفظها إلّا قلب ابن مسعود ليكون الحكم
باقيا بنقله، فإنّ خبر الواحد موجب للعمل به، وقراءته لا تكون دون روايته، فكان
بقاء هذا الحكم بعد نسخ التلاوة بهذا الطريق)[3]
ومثله ما فعل أبو بكر الباقلاني (ت 403)، وهو من كبار المتكلمين
والأصوليين من محاولة الدفاع (عن بعض السلف حيث نسب إليهم من القول بنقص الكتاب
عمّا كان عليه في حياة الرسول a من قبيل آية الرجم وغيرها. فحاول إثبات أنّها من منسوخ
التلاوة إن