ثم علق على هذه الأقوال الغريبة الصادرة من علم كبار أعلام المدرسة السنية
ـ ويوجد أمثالها كثير ـ بقوله: (انظر إلى هذا التمحّل الباهت والتأويل الغريب..
وكل ما ذكروه بهذا الصدد لا يعدو تخرّصا بالغيب من دون استناد إلى شاهد أو دليل
قاطع، ومن ثمّ فهي محاولة عمياء تجاه أمر واقع ـ فيما زعموا صحّته ـ الأمر الذي
يشبه علاج القضية بعد وقوعها علاجا من غير جدوى.. ذلك أنه إذا كانت القراءة مشهورة
إلى عهد متأخّر فهي كسائر القراءات المشهورة عن أصحابها تصبح حجّة ـ في مصطلحهم ـ
ولا يجب ثبوتها بالتواتر عن الرسول a كما أسلفنا أنّ القراءات المعروفة ليست متواترة لا عن عهد
الرسالة ولا عن أربابها أيضا. هذا مع كون القرآن بذاته متواترا وفق قراءة المشهور..
ومن ثمّ فكلام الإمام السرخسي والباقلاني وغيرهما بهذا الصدد يبدو متناقضا..
بالإضافة إلى أن الزيادات في كلام السلف ولا سيّما مثل ابن مسعود، إنّما كانت
زيادات تفسيرية لا عن قصد أنّها من نصّ الوحي، وربّما اعتمدها بعض الفقهاء اعتبارا
بفهم صحابي كبير، لا بنقله كما وهمه هذا الإمام)[2]
ولزيادة تأكيد موقفه مما يطلق عليه [نسخ التلاوة] واعتباره نوعا من أنواع
القول بتحريف القرآن الكريم تحريف نقصان، ما نقله عن بعض أعلام المدرسة السنية،
ومنهم محمد عبد اللطيف المعروف بابن الخطيب، صاحب كتاب الفرقان، والذي أثار فيه
الكثير من المسائل المتعلقة بالقرآن الكريم منتقدا للموقف السني منها، من أمثال جمعه
وتلاوته ونقله وتوثيقه، مع كونه من علماء الأزهر.