الشديد على نفسها؛ فالتفاسير السلفية مثلا ـ وهي أكثر التفاسير المعاصرة
انتشارا ـ لا تؤمن بكتب علم الكلام ولا الفلسفة ولا ما ذكره العلماء المحدثون من
قضايا، بل لا تؤمن حتى بما يرتبط بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، ولذلك تعرض
القرآن الكريم بالطريقة التي عرض بها في العصور السابقة.
وهكذا نجد غيرها يضع الحجب بينه وبين التفاسير الشيعية؛ فلا يستفيد منها
مع أهميتها، نظرا لتلك الأحكام المسبقة التي حكم بها عليها.
وبخلاف هذا نجد ما كتبه الإيرانيون منفتحا على كل المعارف والمدارس؛ فهي
ترجع للمصادر الإسلامية وغير الإسلامية.. والسنية بفروعها المختلفة.
وكمثال على ذلك نجد [التفسير الأثري الجامع] للعلامة محمد هادي معرفة
مشحونا بكل الروايات السنية التي تفسر القرآن الكريم مع التوثيق والتحقيق المرتبط
بها، مما لا نجده في المصادر السنية نفسها.
وهكذا نجده في كتابه (التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب)، لا يطرح
القضايا طرحا سطحيا، بل يحيط بها من كل الجوانب منفتحا على كل ما كتب في الموضوع؛
فقد تناول بالشرح بعض موارد الإعجاز العلمي في القرآن كمراحل خلق الإنسان، والرجع
والصدع، واتساع العالم، وقانون الجاذبية، والرتق والفتق، وتوتيد الأرض بالجبال،
وحركة الأرض، وقانون الزوجية العام، والعسل، والحيض، وما إلى ذلك.
كما قام عند حديثه عن الاتجاهات التفسيرية بتعريف كل ما كتب حول التفسير
العلمي للقرآن الكريم، مهما اختلفت مدارس ومواقف المؤلفين، فقد ذكر كتاب (كشف
الأسرار النورانية القرآنية في ما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات
والنباتات والجواهر المعدنية)، لمحمد بن أحمد الإسكندراني (1306هـ)، وأثنى عليه،
ثمّ عرّف بكتاب