تشكيكات وإبهامات بما يعرقل سبيل الباحثين في التفسير، ولكنّه مع ذلك
فإنه فتّاح لكثير من مغالق المسائل في أبحاث إسلامية عريقة)[1]
وذكر منهجه في التفسير، فقال: (إنه يذكر الآية أوّلا، ويعقّبها بموجز
الكلام عنها بصورة إجمالية، ويذكر أن فيها مسائل، يبحث في كل مسألة عن طرف من شئون
الآية: قراءة، وأدبا، وفقها، وكلاما، وما أشبه من المباحث المتعلقة بتفسير الآية،
ويستوفي الكلام في ذلك في نهاية المطاف. وهو من أحسن الأساليب التفسيرية، تتجزّأ
المسائل وتتركّز الأبحاث، مفصلة كلّا في محلّها، من غير أن يختلط البحث أو تتشابك
المطالب، ومن ثمّ لا يترك القارئ حائرا في أمره من البحث الّذي ورد فيه.. ومن طريف
الأمر أنه لم يجعل لتفسيره مقدمة ليشرح فيها موضعه من التفسير، والغاية التي أقدم
لأجلها على كتابة مثل هذا التفسير الضخم، والسفر الجلل العظيم، وكان لا بدّ أن يشرح
ذلك. كما لم يذكر منابعه في التفسير، ولا الكتب التي اعتمدها في مثل هذا التصنيف،
في حين أنّا نعلم أنه اعتمد خير المؤلفات لذاك العهد، وأحسن المصنفات في ذلك
الزمان، في مثل تفسير أبي مسلم الأصفهاني والجبّائي والطبري وأبي الفتوح الرازي،
وأمثالهم من مشايخ عظام وعلماء أجلّة معروفين حينذاك)[2]
لكن مع كل هذه الاهتمامات التي بدا عليها الرازي في تفسيره إلا أن الغالب
عليه (اللّون الكلامي الفلسفي، لاضطلاعه بهذين العلمين، ومن ثم نجده يكثر الكلام
في ذلك كلما أتاحت له الفرصة، فيغتنمها، ويسهب الكلام في مسائل فلسفية بعيدة
الأغوار، بما ربما
[1]
التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب، ج2، ص: 407.