أكلت طعامًا طيبًا كان أقوى لك على الحق، قال: أكلكم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قال: قد علمت نصحكم، ولكني تركت صاحبي على جادة، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل.
قال: وأصاب الناس سنة، فما أكل عامئذ سمنًا، ولا سمينًا.
وقال ابن مليكة: كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه، فقال: ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها؟.
وقال الحسن: دخل عمر على ابنه عاصم وهو يأكل لحمًا، فقال: ما هذا؟ قال: قرمنا[1] إليه، قال: أو كلما قرمت إلى شيء أكلته؟ كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما اشتهى.
وقال أسلم: قال عمر: لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري، قال: فرحل يرفأ[1] راحلته، وسار أربعًا مقبلاً، وأربعًا مدبرًا، واشترى مكتلاً، فجاء به، وعمد إلى الراحلة، فغسلها، فأتى عمر، فقال: انطلق حتى أنظر إلى الراحلة، فنظر وقال: أنسيت أن تغسل هذا العرق الذي تحت أذنيها، عذبت بهيمة في شهوة عمر؟! لا والله لا يذوق عمر مكتلك.
وقال قتادة: كان عمر يلبس -وهو خليفة- جبة من صوف مرقوعة بعضها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس، ويمر بالنكث[3] والنوى فيلتقطه ويلقيه في منازل الناس ينتفعون به.
وقال أنس: رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قيمصه وقال أبو عثمان النهدي: رأيت على عمر إزارًا مرفوعًا بأدم، وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: حججت مع عمر، فما ضرب فسطاطًا ولا خباء، كان يلقي الكساء والنطع على الشجرة ويستظل تحته، وقال عبد الله ابن عيسى: كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء، وقال الحسن: كان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أيامًا، وقال أنس: دخلت حائطًا فسمعت عمر يقول، وبيني وبينه جدار، عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، بخ بخ والله لتتقين الله يابن الخطاب أو ليعذبنك الله، وقال عبد الله بن عامر بن ربيعة: رأيت عمر أخذ نبتة من الأرض فقال: ليتني كنت هذه النبتة، يا ليتني لم أكن شيئًا، ليت أمي لم تلدني، وقال عبد الله بن عمر بن حفص: حمل عمر بن الخطاب قربة على عنقه، فقيل له في ذلك، فقال: إن نفسي أعجبتني فأردت أن أذلها، وقال محمد بن سيرين، قدم صهر لعمر عليه، فطلب أن يعطيه من بيت المال، فانتهره عمر، وقال: أردت أن ألقى الله ملكًا خائنًا؟ ثم أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم، وقال النخعي: كان عمر يتجر وهو خليفة، وقال أنس: تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة، وكان قد حرم على نفسه السمن فنقر بطنه [1] أي: اشتدت الشهوة إلى اللحم حتى لا يصبر عنه. النهاية في غريب الحديث "49/4".
2 أي: يصلح، ومنه رفأ الثوب: أصلحه وبابه قطع ومعناه أيضًا: نمى من النماء. [3] بالكسر هو الخيط الخلق من صوف أو شعر أو وبر سُمّي به؛ لأنه ينقض ثم يعاد فتله.