نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 559
كانوا يولون ويعزلون في ميادين الخيل، وفي مخادع النساء[1]، والرأي عندي أن تفسير الأمور بهذه البساطة وتوجيه التهم للآخرين أمر غير مقبول في البحث العلمي، ثم إن القيصر، ما أظن أنه كان على المستوى الخلقي الذي ذهب إليه الدكتور فروخ، فإذا أضفنا إلى ذلك أنه هو نفسه يرى أن الغساسنة -وهم أقوى بكثير من امرئ القيس وأهم منه بالنسبة للروم- لم يكونوا إلا جباة ضرائب للروم من العرب[2]، فضلا عن أن امرأ القيس، في ظروفه التي قدم من أجلها إلى القسطنطينية، لا يعدو أن يكون مستجيرا بالقيصر يطلب عونه في الأخذ بثأره، وفي أحسن الأحوال لاسترجاع ملكه، ليكون بعد ذلك صنيعة للروم، وفي كل ذلك ليس هناك ما يدعو القيصر لغض النظر عن فعلته هذه، إن كانت قد حدثت، وهذا ما نشك فيه؛ لأننا لا نملك دليلا واحدا على حدوثها، غير الروايات العربية، وما أكثر ما في هذه الروايات من جنوح إلى الخيال، حتى لو كان هذا الخيال، يتعارض مع الشرف، كما في روايتهم عن عملوق في جديس[3]، والفيطون في يثرب[4]، وابن عم بلقيس في سبأ[5]، ولختيعة أيم ذى نواس[6]، وعتودة مولى أبرهة الحبشي[7]، وغير ذلك من الروايت الخيعة، والتي تعد رواية ابنة القيصر وامرئ القيس، هينة بسيطة بالنسبة إليها.
أضف إلى ذلك أن هناك رواية أخرى تذهب إلى أن "الطمح الأسدي" قد اتصل بجماعة من رجال القيصر بعد خروج امرئ القيس مع الجيش الذي أعانه به القيصر ليأخذ بثأره، وطلب منهم أن يبلغوا القيصر: "إن العرب قوم غدر، ولا نأمن أن يظفر امرؤ القيس بما يريد، ثم يغزوك بمن بعثت معه"[8]، كما أن الحلة [1] عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص94. [2] نفس المرجع السابق ص68. [3] ابن الأثير 1/ 352-354، تاريخ الطبري 1/ 629-632، مروج الذهب 2/ 111-119، تاريخ ابن خلدون 2/ 24-25. [4] ابن الأثير 1/ 656-658، السمهودي: وفاء الوفا 1/ 629-632، ابن خلدون 2/ 287، 289، ياقوت 84-87، الدرر الثمينة ص327، الاشتقاق ص270. [5] تاريخ الخميس ص276، ابن الأثير 1/ 232-233. [6] ابن هشام 1/ 31-32، ابن الأثير 1/ 425-426، تاريخ الطبري 2/ 118-119، المحبر ص268. [7] تاريخ الطبري 2/ 128-129، ابن الأثير 8/ 432-433. [8] ابن قتيبة: الشعر والشعراء ص46، الأغاني 8/ 70، جواد علي 3/ 371، إيليا حاوي: امرؤ القيس ص21.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران جلد : 1 صفحه : 559