وجند روايته، وصنعه على عينيه فجاء جامعا لأشتات محاسنهم، وصار عمدة لكل من أتى بعده وقصد قصده.
وقد كان أبو الفرج غزير العلم والأدب جيد الرواية لهما والبصر بفقههما، قال معاصره القاضي التنوخي: «ومن الرواة المتسعين الذين شاهدناهم أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني فإنه كان يحفظ من الشعر، والأغاني، والأخبار والآثار، والحديث المسند، والنسب ما لم أر قط من يحفظ مثله، وكان شديد الاختصاص بهذه الأشياء ويحفظ دون ما يحفظ منها علوما أخر منها اللغة، والنحو، والخرافات، والسير، والمغازي ومن آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح، والبيطرة، ونتف من الطب، والنجوم، والأشربة وغير ذلك» «1» .
وقد ثقف أبو الفرج معارفه وعلومه الجمّة عن الأعلام في عصره والأسفار القيّمة التي كانت موجودة إذ ذاك، بيد أنه استباح لنفسه أن يروي منها على أنه حدث بها ومن أجل ذلك اتهم بالاختلاق، والذي يقرأ الأغاني ومقاتل الطالبيين تهوله تلك الكثرة الهائلة، ويتعاظمه ذلك الجم الغفير من الرواة ويتخالجه الشك إذا ذكر ما يقوله ابن النديم من أن أبا الفرج كانت له رواية يسيرة، وأكثر تعويله في تصنيفه كان على الكتب المنسوبة الخطوط أو غيرها من الأصول الجياد «2» .
ومن الرواة الذين روى عنهم أبو الفرج يحيى بن علي المنجم المتوفي سنة 300 هـ ومحمد بن جعفر القتات المتوفي سنة 300 هـ والفضل بن الحباب المتوفي سنة 305 هـ وعلي بن العباس المقانعي المتوفي سنة 313 هـ، والأخفش المتوفي سنة 315 هـ، وجعفر بن قدامة المتوفي سنة 319 هـ، وابن دريد المتوفي سنة 321 هـ، ونفطويه المتوفي سنة 323 هـ، وجحظه المتوفي سنة 326 هـ وابن الأنباري المتوفي سنة 328 هـ كما روى عن عمّه الحسن بن محمد وعم أبيه