نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 161
قلت: هذا شعر تجاوز في اللطف الحد، يحمر له خجلاً ود الربي وورد الخد.
ومن أحاسنه التي عطلت الياقوت والدر، ومن يصبو بمحاسنه فقد بان له العذر، قوله:
إلى م تَرى ذا العهدِ يُتْلِفُه الغَدْرُ ... وحتَّى م وعدٌ دون إنْجازِه الحَشْرُ
أبِيتُ ولي قلبٌ على جَمْرةِ الغضَا ... وأعْباء أحزاني على مُهْجتي وِقْرُ
وقد ضلَّ أُنْسُ الأفْقِ مَسْلَك غَرْبِه ... بِحِنْدِسِ ليلٍ ليس يْعُقبه فَجْرُ
وباتتْ تُناجيني بشَجْو حمامةٌ ... لها تحت ذيلِ الليلِ في شأْنها هَدْرُ
تنُوح علىالغصن الرطيب فينْثِني ... طَرُوبا كمَن مالتْ بأعْطافِه الخَمْرُ
أَنَاشِدةٌ تشدو على فَنَنِ الرُّبَى ... مُفارِقةً إلْفاً وقد خانها الصبرُ
أراك مُنَدَّاة الجناحِ فخبِّري ... أَدَمْعي الذي نَدَّاه وَهْناً أم القَطْرُ
منها في الحماسة:
وإنِّي صبورٌ عند كل مُلِمَّةٍ ... يشِيبُ لها فَوْدٌ ويَحْدَوْدَبُ الظهرُ
ولا ارْتاع لي قلبٌ لخطْبٍ إذا غدا ... علىَّ له الإبْرامُ والنَّهْىُ والأمرُ
فلا خَيْر في قلبٍ أبَتْ أن تُذِيبَه ... خطوبٌ فلولا السَّبْكُ ما عُرِف التِّبْرُ
وقد زادني جَوْرُ الزمان تأرُّجاً ... كما زاد نَشْرَ المسك في سَحْقِه الفِهْرُ
هذا من قول سعيد بن هاشم الخالدي:
تَزِيدُني قسوة الأيَّامِ طِيبَ ثَناً ... كأنَّني المسكُ بين الفِهْرِ والحجَرِ
والفهر: الحجر الذي يسحق عليه.
وإن لاح لي فوق السِّما كَيْن مَطْلَبٌ ... فلا المُرتَقى صعبٌ عليَّ ولا وَعْرُ
ولستُ بِهَيَّابٍ ليوْمِ كريهةٍ ... وقد صافحتْ فيه المُهَنَّدَةُ البُتْرُ
فإن خانني دهرِي فما خانني الحِجَا ... وإن خذَلتْني الصَّحْبُ لم يخْذُل الصبرُ
ولا أشْتكِي خطباً يُشدِّد وَطْأةً ... عليَّ فلولا العسرُ ما خُلِق اليسرُ
منها:
ولستُ الذي يُمْضِي الليالي أمانياً ... يضِيع سُدًى في شأْنها الوقتُ والفكرُ
ولا أكره الخطْبَ المُلِمَّ فرُبما ... أتى النفعُ من حالٍ تراءَى به الضُّرُّ
وللهِ ألْطافٌ يدِقُّ خفاؤها ... فكم خِيفَ أمرٌ كان في ضِمْنه النصرُ
وكم عمَّني بالفضل والنِّعَمِ التي ... يقِلُّ عليها منِّيَ الحمدُ والشكرُ
إذا رُمْتُ أُحْصى وصْفَها بِبيانها ... فهيْهات يُحْصَى الرَّملُ أو يُحْصر القَطْرُ
وله من أخرى، مطلعها:
أراني الزمانُ فِعَالاً خسيساَ ... وخطْباً يبدِّل نُعْماه بُوساَ
منها:
ومُذ أسْكرتْني صُروفُ الزمانِ ... نسِيتُ بها الكأسَ والخَنْدَرِيساَ
وألْزمتُ نفسيَ حالَ الخمولِ ... وعِفْتُ المُنى وهجرتُ الجليساَ
فقد يمكثُ السيفُ في غِمْدِه ... مَصوناً ويسْتوطنُ اللَّيْثُ خِيساَ
ومنها في المديح:
بعزْمٍ تراه إذا ما بدا ... بُمعِضلِ أمرٍ يَفُلُّ الخَمِيساَ
ولا يَملِك القلبَ منه الرَّدَاحُ ... ولو أشْبه الوجهُ منها الشموساَ
ولو تكُ لو لم تَمِسْ ما اهْتدتْ ... غصونُ الرِّياض إِلى أن تميساَ
وله من أخرى، مستهلها:
خَفِّض عليك أخا الظِّباء الرُّتَّعِ ... أنت الشريكُ بما رميْتَ به معِي
أرسلتَ من أجفان لَحْظِكَ أسهُماً ... مذ فُوِّقَتْ لم تُخْطِ قلبَ مُرَّوعِ
قد ظلَّ موقعَها الفؤادُ وإِنَّني ... لم ألق غَيْرَك ثَمَّ في ذا الموضعِ
كَلِفٌ بحبَّاتِ القلوبِ كأنما ... تبْغِي الوقوفَ على الضَّمير المُودَع
يا من غدا يسْطُو عليَّ بهجْرِه ... أوَما رحمتَ نَحيِبَ صَبٍّ مُولَعِ
شيْئان تنْصدعُ الجوانحُ منهما ... تغْريدُ ساجعةٍ وأنَّةٌ مُوجَعِ
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 161