نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 33
متى ما اعتبرتَ العمر ما كان صافياً ... تجد رجلاً قد عاش عمراً بلا عمرِ
هذا معنًى غريب، وأظنه تناوله من قول الحتاتي، وهو:
عمرُ الفتى قالوا زمان الرِّضا ... بصفوة الأحباب في اليسرِ
صدَّقت ما قالوه كي يُقبلوا ... فينظروا شيخاً بلا عمرِ
وأصله قول الأمير أسامة بن منقذ:
قالوا نهاهُ الأربعون عن الصِّبا ... وأخو المشيب يجور ثمَّتَ يهتدي
كم حار في ليل الشباب فدلَّه ... صبح المشيب على الطَّريق الأقصدِ
وإذا عددت سنيَّ ثم نقصتها ... زمن الهموم فتلك ساعة مولدي
قال العماد الأصفهاني: تعجب من مقاصد هذه الكلم، وتعرض لموارد هذه الحكم واقض العجب كل العجب من غرارة هذا الأدب، ولولا أن المداد أفضل ما رقم به صحائف الكتب، لحررت هذه الأبيات بماء الذهب، فهذا أبلغ من قول أبي فراس الحمداني:
ما العمر ما طالت به الدُّهور ... العمر ما تمَّ به السُّرور
فالفضل للمتقدم في ابتكار المعنى، وللمتأخر في المبالغة.
العود أحمد:
وها أنا في طيِّ الليالي معدِّدٌ ... كواكبه من حيث لا حاسبٌ يدري
كأنِّي في همِّي مدى الليل راكبٌ ... على فلك نائي المدى أبداً يسري
أروح مجدًّا مصعداً وعزيمتي ... إلى اللَّوح كي أقرا به سورة اليسرِ
وأحفظها من جبهةٍ شمْتُ نورها ... على بعدها قدرُ الكواكب والبدرِ
وله:
عجبت للشمس إذ حلَّت مؤثِّرةً ... في جبهةٍ لم أخلها قطُّ في البشرِ
وإنما الجبهة الغرَّاء منزلةٌ ... مختصَّةٌ في ذرى الأفلاك بالقمرِ
ما كنت أحسب أن الشمس تعشقه ... حتى تبيَّنتُ منها حدَّة النَّظرِ
وله:
انظر لأوراق الربيع وقد بدت ... محمرَّةً في صفرة الأشجارِ
وكأنَّها لما تبدَّت بينها ... شفقٌ تبدَّى في سماء نُضارِ
وله:
قد أُحبُّ الرَّبيع لِلَّهو فيه ... بلطيف الهواء والأزهارِ
ثم فصلُ الخريفِ عنديَ أحلى ... لاجتنائي فيه لذيذ الثِّمارِ
ومن غزلياته قوله:
ومعذِّرٍ خفيت خطوطُ عِذاره ... فبدت لطالب وصله أعذارهُ
قد لاح تحت ورودِه ريحانةٌ ... وبدا خفيًّا للعيون غبارهُ
يبدو فتقطر بالدِّما أقطارُه ... دلاًّ ويخطو بالخُطى خطَّارهُ
رقَّت شمائله ورقَّ كلامُه ... وتعبَّدت أوطارنا أوطارهُ
فشككْتُ بين مؤنَّثٍ ومذكَّرٍ ... فيه فأنْبَا باليقين عذارُهُ
من هذا، بل أجود منه قول تقيِّ الدين الفارسكوري:
توهَّمتُه شمساً وكان يريبني ... نسيم الصَّبا منه ومن طبعها الحَرُّ
فلمَّا دجى ليل العِذارِ ولم يغب ... علمتُ وزالت شبهتي أنه البدرُ
وله:
وما زالت تخبِّرُني المعالي ... سراراً لا أطيق له جهارا
فإن أظفرْ به فأنا حَرِيٌّ ... وإلا فالمقدَّر لا يُجارى
وحيَّاه غلامٌ بوردةٍ، فقال:
انظر إلى وردةٍ حيَّى بها رشأٌ ... نشوان وافى من الغلمان كالحورِ
كأنَّها شفتاه حين جاء بها ... مضمومةً إذ بدت أو طرفُ مخمورِ
في التشبيه الأول شمةٌ من قول الشريف الرضي:
كم وردةٍ تحكي بسبق الورد ... طليعةً تشرَّعت من جندِ
قد ضمَّها في الغصن فرط البرد ... ضمَّ فمٍ لقبلةٍ من بُعْدِ
ولابن الرومي:
وردٌ تفتَّح ثم ارتدَّ مجتمعاً ... كما تجمَّعت الأفواه للقُبَلِ
ومن تضامين ابن تميم الفائقة:
سبقتْ إليك من الحدائق وردةٌ ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا
طمعتْ بلثمك إذ رأتك فجمَّعت ... فمها إليك كطالبٍ تقبيلا
وأصله قول المتنبي في راكب فرس:
ويُغيرني جذب الزِّمام لقلبها ... فمها إليك كطالبٍ تقبيلا
وله عاقداً لحكمة تؤثر:
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 33