نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 14
ارتفعت بالتجريد حتى صار ينطوي تحتها أعم الخصائص وأخفاها على المعرفة وهي التي ثبتت أكثر الأفكار عمرانا "بالمعرفة التي بالقوة" من العدد والمكان والزمان والسبب والقانون والنوع. "تنتقل الكلمة من العدم إلى السيادة المطلقة، والشخص ينتقل من الكينونة الكاملة إلى العدم"[1].
ومما لا يحتاج إلى تقرير أيضا أن دور المجتمع هنا كان حاسما، وإن لم يكن مباشرا. والكلام قد مكن للإدراك من أن ينتقل من دماغ إلى آخر: والمجتمع يحبذ وينشط تعاون الأفهام، أو "التمويل" العقلي. ولكن إذا كان هذا التعاون المنطقي مما ينتج في المجتمع فإنه ليس ظاهرة اجتماعية. بل على العكس من ذلك يجب أن تقرر أن الكلام بتسخيره للذكاء الفردي في خدمة المجتمع، يزيد في شعور المجتمع شعورا واضحا بحاجاته النوعية، ويسمح له بأن يتطور تطورا معقولا.
والقدرة على التجريد والتعميم التي هي من خصائص الإنسان والتي تتفتح في العقل، ليست عند جميع البشر على السواء. المخترعون "أولئك الذين يولدون بموهبة التجريد أو عبقرية التجريد"[2] والقدرة على التجريد التي كانت عند المخترعين عملية محضة في بادئ أمرها تصبح نظرية على التدريج بمساعدة الذخيرة المتجمعة والممارسة الفجائية ولعب الملكات العقلية. وذلك دون أن تختفي الحاجة الأولى، أي المصلحة. لا نريد بذلك أن نقول إن هناك نشاطا عمليا يبقى، ويصل أحيانا إلى درجة لا نظير لها من الأهمية والسطوع فحسب[3] بل إن أشد أنواع النشاط إيغالا في الناحية التأميلية يتجه في نهاية الأمر-بناء على المبدأ الذي بنينا عليه رأينا- في أغراضه الخفية وفي غايته القصوى، نحو التسلط على الأشياء، ونحو تحرير العقل، نحو قمة الإنسانية العليا. فالعلم "أداة حيوية" حتى في أبعد صورة من الوجهة العملية من حيث المظهر، ولا سيما في هذه الصورة. "إذا كان الإنسان يسجل له في كل يوم انتصارا [1] ريبو: المرجع السالف الذكر، صفحات 100، 116، 148. [2] ريبو: المرجع السالف الذكر ص 246. [3] انظر ل. فيبير Le rythme du progres: L. weber.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 14