نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 15
جديدا على الطبيعة، بينما يستأنف الحيوان في كل يوم جهاده القاصر ضدها دون نتيجة حاسمة، فذلك لأن الإنسان يعرف في بعض الأحيان كيف ينظر إلى العالم منزها عن الغرض. أما الحيوان، ذو الروح المسرف في الناحية العملية فإنه عبد إدراكه الذي يحمله دائما على القيام تقريبا بعمل واحد آلي بعينه". فالبحث عن الحقيقة المنزه عن الغرض هو آكد الوسائل للوصول إلى المنفعة[1].
أما عن الدور الذي قامت به الكتابة والطباعة في سبيل البحث عن الحقيقة -وهما كما هي الحال في اللغة، خليط من اختراعات عديدة قد حوكيت وتنوقلت وطبعت بالطابع الاجتماعي- فذلك ما ستكشف عنه المجلدات التالية. فالكتابة قد خلقت أشياء متكلمة، والطباعة أكثرت من عددها إلى غير ما حد وخلدتها. وهكذا أمكن للفكر أن ينتظر على المكان والزمان والموت[2] ولكن كثيرا ما ينتهي التفكير المجرد إلى سراب وإلى الابتعاد عن الجادة. فالفكر في هذه الحال يجول في "عالم غير مخلوق يرجع إلى عهد الإنسان البدائي". عالم الأفكار، الذي هو أيضا عالم الألفاظ -من حيث المبدأ- وكان يمثل الأشياء[3] ظن الإنسان بطبيعة الحال أن كل كلمة تقابلها حقيقة واقعية: ومن هنا نشأ الاعتقاد في الأصنام وفي جوهر الأشياء المحقق عمليا. ولما كانت بعض الألفاظ تحدث آثارا معينة، كان من الطبيعي أن يظن بأن كل كلمة لها هذه الصفة. "فالشخص الذي يدعو إليه صاحبا له موجودا على بعد منه، ويراه يهرول ملبيا نداءه، يسخر في ذلك قوة تختلف اختلافا واضحا عن القوى المادية، عن القوة [1] انظر د. رستان La science comme instrument: D. Roustan.vital"، في la Revue de Met. et de Mor. سبتمبر 1914 صفحة 612-643. [2] انظر كورنو: Essai sur les fondements de nos connaissances ص 317 ولا كمب L'histoire consideree comme science: La combe، صفحة 197 وما يليها، ود. ماجوسكي D. Majewski: la science et la civilisation، ص242. [3] بل يبدو أنه يحتفظ ببعض من حقيقة هذا الشيء: ومن ثم نشأت حوله بعض الأعمال السحرية -انظر فيبير في المرجع السالف الذكر ص92، وفي مجلة الجمعية الفلسفية الفرنسية ص74-75، ريبو المرجع السالف الذكر ص 108.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 15