نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 68
والنثر الأدبي يحرص على تحقيق هذه الخاصة وإن لم يبلغ فيها مبلغ الشعر لحاجته إلى التقرير النسبي الذي يسدل عليه صفة عقلية تحد من موسيقاه وتصويره. وقد لاحظ ابن الأثير[1] أن من الألفاظ ما يحسن استعماله في الشعر دون النثر ومما مثل به لذلك كلمة مشمخر الواردة في قصيدة للبحتري يصف إيوان كسرى:
مشمخر تعلو له شرفات ... رفعت في رءوس رضوى وقدس
ولعل السر في ذلك، عندي، أن مثل هذا اللفظ وجد في موسيقى الشعر أولًا في عدم تقيده بالصفة التقريرية العقلية الواضحة ثانيًا، ما جعله ملائمًا لأسلوب الشعر دون النثر.
4- أما الصور الخيالية كالتشبيه، والمجاز، والكناية، والمطابقة، وحسن التعليل فإنها تكون في الشعر أشد قوة وأروع جمالًا، وهي في النثر أميل إلى الإيضاح والإيجاز ثم التأثير أيضًا، لذلك كانت الكناية والاستعارة أكثر ورودًا في النظم وكان التشبيه أكثر دورانًا في النثر وهذا الفرق يقوم كما ذكر على أن وظيفة الشعر التأثير وبعث الانفعال أولًا ووظيفة النثر الإفادة وتغذية العقل أولًا؛ فاحتاج الشعر إلى هذه الصور الخيالية القوية لتكون وسيلته الصالحة، واعتمد عليها النثر حين تفيده في الدقة والوضوح، فإذا غلا النثر وسلك سبيل الشعر في استخدام الأنواع البيانية هذه، كان ذلك منه بعدًا عن طبيعته الأولى ونزوعًا إلى طبيعة الشعر قال البحتري:
إذا ما نسبت الحادثات وجدتها ... بنات زمان أرصدت لبنيه
من أردت الدنيا نباهة خاملٍ ... فلا ترتقب إلا خمول نبيه
فالاستعارة في البيت الأول قائمة على أن الزمان يبتلي الناس بحوادثه وغايتها [1] المثل السائر ص64 المطبعة البهية.
نام کتاب : الأسلوب نویسنده : الشايب، أحمد جلد : 1 صفحه : 68