وجلَّ في سورة (الحجرات/49) خِطَاباً للمؤمنين في عصر الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
{واعلموا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ الله لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ ... } [الآية: 7] .
الْعَنَت: المشقة، والتعب، وشدّة الضّرر، والفساد.
أي: لو تابع طاعتكم في كثير من الأمور الَّتي تقدّمون فيها آراءً خاصَّةً لوقعتم في العنت، وهذا المعنى يُفْهَمُ من الفعل المضارع الذي يدلُّ على التجَّدُّد في المستقبل، فَقُلِبَ معنى زمانه إلى المضي بحرف "لَوْ" وبقي فيه معنى التجدّد.
الغرض الثاني: تصوير ما سيحدث بصورة الأمر الذي وقَعَ وحدث، فيُؤْتَى بالفعل المضارع للإِشعار بأنَّه أمْرٌ من أُمُورِ المستقبل المتحقِّقَةِ الوقوع، ولمَّا كانت "لو" هذه للتعليق في الماضي كان اجتماع الأمرين بمثابة الإِعلام بأنّ ما نقولهُ من أمْرِ المستقبل هو بقوّة ما وقع وتحقَّقَ فِعلاً، ولهذا أمثلة كثيرة في القرآن، منها قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (السجدة/32) :
{وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فارجعنا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} [الآية: 12] .
وُضِع الفعل المضارع "تَرَى" والأصل - دُون ملاحظة الغرض البلاغي - أن يُقَال: ولَوْ رَأَيت. لكن الفعل المضارع أدّى معنى دقيقاً لا يؤدّيه الفعل الماضي هنا.
***