نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 498
الخارجيّ، ولا يبقى معه كلّ برذون بخاريّ. ولو ساير خارجيّا لاستفرغ وسعه قبل أن يبلغ الخارجيّ عفوه.
والتّركي هو الراعي، وهو السائس وهو الرائض، وهو النّخّاس، وهو البيطار، وهو الفارس. والتركيّ الواحد أمّة على حدة.
قال: وإذا سار التركيّ في غير عساكر التّرك، فسار القوم عشرة أميال سار عشرين ميلا؛ لأنه ينقطع عن العسكر يمنة ويسرع في ذرى الجبال، ويستبطن قعور الأودية في طلب الصّيد؛ وهو في ذلك يرمي [كلّ] ما دبّ ودرج، وطار ووقع.
قال: والتركيّ لم يسر في العساكر سير النّاس قطّ، ولا سار مستقيما قطّ.
قالوا: وإذا طالت الدّلجة واشتدّ السير، وبعد المنزل، وانتصف النّهار، واشتدّ التّعب، وشغل الناس الكلال، وصمت المتسايرون فلم ينطقوا، وقطعهم ما هم فيه عن التّشاغل بالحديث، وتفسّخ كلّ شيء من شدّة الحر، وخمد كلّ شيء من شدّة البرد، وتمنّى كلّ جليد القوى على طول السّرى أن تطوى له الأرض، وكلّما رأى خيالا أو أبصر علما سرّ به واستبشر، وظنّ أنّه قد بلغ المنزل؛ فإذا بلغه الفارس نزل وهو متفحّج كأنّه صبيّ محقون، يئنّ أنين المريض، ويستريح الى التثاؤب، ويتداوى مما به بالتمطّي والتضجّع. وترى التركيّ في تلك الحال وقد سار ضعف ما ساروا وقد أتعب منكبيه كثرة النّزع، يرى قرب المنزل عيرا أو ظبيا، أو عرض له ثعلب أو أرنب، فيركض ركض مبتدىء مستأنف، كأنّ الذي سار ذلك السّير وتعب ذلك التّعب غيره.
وإن بلغ الناس واديا فازدحموا على مسلكه أو [على] قنطرته، بطن برذونه فأقحمه ثم طلع من الجانب الآخر كأنّه كوكب. وإن انتهوا إلى عقبة صعبة ترك السّنن وذهب في الجبل صعدا، ثم تدلى من موضع يعجز عنه
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 498