نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 504
الصّين.
وقال ثمامة: عرض لنا في طريق خراسان تركيّ ومعنا قائد يصول بنفسه ورجاله، وبيننا وبين التركيّ واد، فسأله أن يبارزه فارس من القوم، فأخرج له رجلا لم أر قطّ أكمل منه، ولا أحسن تماما وقواما منه، فاحتال حتّى عبر إليهم الفارس، فتجاولا ساعة، ولا نظنّ إلّا أنّ صاحبنا يفي بأضعافه، وهو في ذلك يتباعد عنّا. فبينا هما في ذلك إذ ولّى عنه التّركي كالهارب منه، وفعل ذلك في موضع ظنّنا أنّ صاحبنا قد ظهر عليه، وأتبعه الفارس لا نشكّ إلّا أنّه سيأتينا برأسه، أو يأتينا به مجنوبا إلى فرسه، [فلم نشعر] إلّا وصاحبنا قد أفلت عن فرسه وغاب عنه، فنزل التركيّ إليه فأخذ سلبه وقتله، ثم عارض فرسه فجنبه إليه معه.
قال ثمامة: ثم رأيت بعد ذلك التركيّ قد جيء به أسيرا إلى دار الفضل ابن سهل، فقلت له: كيف صنعت يومئذ، وكيف طاولته ثمّ علاك ثم وليت عنه هاربا ثم قتلته؟ قال: أما إنّي لو شئت أن أقتله حين عبر؛ وقد كان مقتله بارزا لي، ولكنّي احتلت عليه حتّى نحّيته عن أصحابه لأجوّزه، فلا يحال بيني وبين فرسه وسلبه.
قال ثمامة: وإذا هو يدير الفارس من سائر الناس ويريغه كيف شاء وأحب.
قال ثمامة: وقد غبرت في أيديهم أسيرا فما رأيت كإكرامهم وتحفهم وألطافهم.
فهذا ثمامة بن أشرس، وهو عربيّ لا يتّهم في الإخبار عنهم.
وأنا أخبرك أنّي قد رأيت منهم شيئا عجيبا وأمرا غريبا: رأيت في بعض غزوات المأمون سماطي خيل على جنبتي الطّريق بقرب المنزل، مائة فارس من الأتراك في الجانب الأيمن، ومائة من سائر الناس في الجانب الأيسر، وإذا هم قد اصطفوا ينتظرون مجيء المأمون، وقد انتصف النّهار واشتدّ الحر. فورد عليهم
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 504