responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 505
وجمع الأتراك جلوس على ظهور خيولهم إلّا ثلاثة أو أربعة، وجميع تلك الأخلاط من الجند قد رموا بنفوسهم الى الأرض إلّا ثلاثة أو أربعة. فقلت لصاحب لي: انظر أيّ شيء اتّفق لنا. أشهد أنّ المعتصم كان أعرف بهم حين جمعهم واصطنعهم.
وأردت مرة القاطول- وهي المباركة- وأنا خارج من بغداد، وأرى فوارس من أهل خراسان والأبناء وغيرهم من أصناف الجند، قد عار لهم فرس، وهم على خيل عتاق يريغونه فلا يقدرون على أخذه، ومرّ تركيّ ولم يكن من ذوي هيئاتهم وذوي القدر منهم، وهو على برذون له خسيس، وهم على الخيول المطهّمة، فاعترض الفرس اعتراضا، وقتله قتلا وحيّا؛ وأتاه من زجره بشيء، فوقف أولئك الجند وصاروا نظّارة، فقال بعضهم ممن كان يزري على ذلك التركيّ: هذا وأبيك التكلّف والتعرّض: أنّ فرسا قد أعجزهم وهم أسد البلاد، وجاء هذا مع قصر قامته وضعف دابّته، فطمع أن يأخذه. فما انقضى كلامه حتّى أقبل به ثمّ سلّمه إليهم ومضى لطلبته، لم ينتظر ثناءهم ولا دعاءهم، ولا أراهم أنّه قد صنع شيئا، أو أتى إليهم معروفا.
والأتراك قوم لا يعرفون الملق ولا الخلابة، ولا النّفاق ولا السّعاية، ولا التصنّع ولا النّميمة ولا الرّياء، ولا البذخ على الأولياء، ولا البغي على الخلطاء، ولا يعرفون البدع، ولم تفسدهم الأهواء، ولا يستحلّون الأموال على التأوّل، وإنما كان عيبهم، والذي يوحش منهم، الحنين إلى الأوطان، وحبّ التقلّب في البلدان، والصّبابة بالغارات، والشّغف بالنّهب، وشدّة الإلف للعادة، مع ما كانوا يتذاكرون من سرور الظفر وتتابعه، وحلاوة المغنم وكثرته، وملاعبهم في تلك الصّحاري، وتردّدهم في تلك المروج، وألّا يذهب بطول الفراغ فضل نجدتهم باطلا، ويصير حدّهم على طول الأيام كليلا.
ومن حذق شيئا لم يصبر عنه، ومن كره أمرا فرّ منه.
.. وإنّما خصّوا بالحنين من بين جميع العجم لأنّ في تركيبهم وأخلاط طبائعهم

نام کتاب : الرسائل السياسية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 505
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست