نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 59
منها بذاتها، وسعيها للمحافظة على وجودها، كما زاد من تعصبها لنفسها، ومنافستها لغيرها.
والأمثلة الدالة على هذه السياسة بخراسان كثيرة، فعندما قضى عبد الملك بن مروان على مناوئيه من القيسيين والزبيريين، وحد من خطر الخوارج بمساندة القبائل اليمنية له، حاول بسط سلطانه على خراسان، فعين عليها أمية بن عبد الله الأموي، لأن القبائل هناك أهابت به أن يولي قيادتها رجلا قرشيا لا يحسد، ولا يتعصب عليه، لما قاست من سياسة عبد الله بن خازم الغاشمة. ولما نشأ عن قتل بحير بن ورقاء التميمي له من تفكك ومصادمات وسخائم وثارات بين عشائر بني تميم[1]. ولكنه لم يلبث أن عزله عنها، ووكل إدارتها للحجاج بن يوسف، أمير العراق، فبعث إليها كارها المهلب بن أبي صفرة، فعلت مكانة الأزد وحلفائها علوا بعيدا، وانحطت مكانة قيس وتميم انحطاطا شديدا، مما آذى الحجاج. ومع ذلك فإنه ظل عاجزا عن صرف المهلب عن خراسان[2]، لأنه كان يعلم مبلغ تقدير عبد الملك له، لما أسدى إليه من فضل لا ينكر بصده الخوارج عن العراق، وتحطيمه لهم بفارس. فلما توفي عبد الملك، وخلفه ابنه الوليد، وكان هواه مع قيس، أطلق يد الحجاج المغلولة، فكان أول ما فعله أن نحى يزيد بن المهلب عن خراسان، وولى عليها قتيبة بن مسلم الباهلي، فقبض على المهالبة، وأشخصهم للحجاج فحبسهم وعذبهم[3].
وفي عهد سليمان بن عبد الملك ارتفعت منزلة الأزد وحلفائها، وانخفضت منزلة تميم وقيس، لأنه نقم من الحجاج موافقته الوليد بن عبد الملك على إبعاده عن ولاية العهد، واختياره ابنه عبد العزيز لها. فقرب يزيد بن المهلب، ودفع إليه أصحاب الحجاج وأمره أن ينكل بهم، ففكر قتيبة بن مسلم في خلع سليمان، فلقي مصرعه، وعين سليمان على [1] الطبري 8: 860. [2] الطبري 8: 1032، 1040، وابن الأثير 4: 448، 454. [3] تاريخ اليعقوبي 3: 32، والطبري 8: 1138، وابن الأثير 4: 511.
نام کتاب : الشعر في خراسان من الفتح إلى نهاية العصر الأموي نویسنده : حسين عطوان جلد : 1 صفحه : 59