نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 216
حصل على أعلى الدرجات العلمية بعدها، حصل على الدكتوراة وأصبح أستاذًا في الشريعة، وانعكست حياة الجندية على شعره، فوجَّه غايته الكبرى إلى شعر الجهاد والحث عليه في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين، فلا يرى إلّا البارود والنار، ولذلك كانت أغراضه الشعرية تصور القضايا الإسلامية وخلود الشريعة وأمجادها في الماضي.
ويذكرني هذا الاتجاه برائد البعث الشعري محمود سامي البارودي في مصر، مع الفارق الزمني بينهما، فقد كان البارودي فارسًا وجنديًّا، لكنه وجه عنايته إلى البعث اللغوي والإحياء الأدبي لإعادة اللغة العربية وآدابها إلى وجهها المشرق، الذي كان لها في عصورها الزاهرة عصر الأمجاد.
واتجاه زاهر متفق مع اتجاه البارودي من حيث المنبع والمصدر والهدف، لكنه يختلف من حيث الوسيلة لا الغاية، فالوسيلة عند زاهر هي الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، وتحرير الأرض من الصهاينة واليهود؛ لتعود أمجاد الأمة كما كانت، لكن البارودي جندي فارس أعاد المجد إلى اللغة العربية وأدبها، لغة القرآن الكريم والشريعة الإسلامية ... وشتان بين الوسيلتين.
وشتان بين عصري الشاعرين، فالبارودي بمعارضاته رائد البعث الشعري في العصر الحديث، وزاهر من مدرسة المحافظين التي افتتحها البارودي، يسير شاعرنا على الديباجة العربية الأصيلة وإشراق الأساليب والتزام العمود الشعري، مع تجنبه المعارضات الشعرية؛ لأن قضية الجهاد شغلته عنها، أما نصاعة الأسلوب وتحرر الشعر من قيود الزينة وأغلالها فقد كفاه البارودي مشقة معاناتها والتخلص منها، ومهَّد بذلك الطريق لمن بعده من الشعراء، ومنهم شاعرنا زاهر الألمعي، الشاعر الجندي الفارس المحافظ في تجديده[1].
ثانيًا: المناسبات الشعرية: من الدوافع التي أثرت في تجربة الشاعر المواقف والأحداث والمناسبات، التي تفرضها على شعره إنسانيته، ويدفعه إليها دينه وعقيدته، كحق إنساني، وواجب ديني، فالقضايا الإسلامية المعاصرة تحض الشاعر على أن يجنِّد شعره لجهاد أعداء الإسلام وهم الصهيونية واليسارية واليمينية، وأن يعود المسلمون إلى الشريعة الإسلامية، التي أقام السلف الصالح حضارتها الراسخة.
وسيطرت قضية فلسطين على شعره كله، فلا تخلو قصيدة من الإيماء إليها على الأقل أو تكاد، أما التصريح بالقضية فقد جاء في قصائد كثيرة سواء أكانت القضية هي الغرض من القصيدة، أم جاءت تبعًا لغرض آخر، وسيتضح هذا عند الحديث عن الوحدة الفنية، وذلك مثل القصائد التي قالها في مؤتمرات الحجيج كل عام. [1] انظر: مقدمة الألمعيات: للأستاذ عبد العزيز الرفاعي ص12/ 13.
نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 216