responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح    جلد : 1  صفحه : 218
والحق أنَّ ما يستوقف النظر من شق واحد فقط هو المناسبة، فليست هي الفيصل بين الشعر والخطابة، وليس كل شعر جيد هو الذي خلا من المناسبات، وإلَّا لسقط شعر الفحول من شعراء العرب القدامى، وإلا لما قلد الأدب والنقد شوقيًّا إمارة الشعر، وهو المتهم من العاد من شعراء العرب القدامي، وإلَّا لما قد الأدب والنقد شوقيًّا إمارة الشعر، وهو المتهم من العقاد وغيره من شبابهم بأن المناسبة أفسدت شاعرية شوقي، ثم يرجع العقاد وزملاؤه عن هذا الحكم في مرحلة الكهولة والاتزان، وأثناء خصوماته الأدبية، ليقرر الحقيقة التي بقيت للتاريخ في شعر شوقي وحافظ فيقول: إن الخصومات حول الشاعرين كانت من حماقة الشباب[1].
والخطابية إذا كانت بمعنى المناسبات التي يقصدها الرفاعي لا تستلزم عدم الانفعال؛ لأن التجربة الصادقة تتفجر من موقف معين ومناسبة دافعة، وعند ذلك تكون المناسبة هي المثيرة للانفعال، ولا أدري كيف ينشد الشاعر قصيدة دون دافع أو مناسبة مفجرة، وإلَّا لما تحقق الانفعال الذي يلهب العواطف، ويحرك المشاعر والخواطر.
وعلى ذلك أرى أن كلام الرفاعي بعيد عن الصواب حين يقول: "بيد أن شعر المناسبات وإن أعطى للحوادث تسجيلًا، ولصاحبه ذكرًا، إلا أن عناصر الانفعال فيه قد لا يرتقي إلى المستوى الأول المأمول، فإن شعر المناسبة تحكمه ظروف المناسبة ذاتها، فقد لا يكون مهيئًا تهيئة نفسية كافية حينما تطرأ المناسبة، فقد يمر على شاعر المناسبة أن يطلب إليه أن يقول شعرًا في عرس، بينما تكون نفسه ذاتها في مأتم، ومع ذلك فلا يملك إلا أن يستجيب"[2].
هذا الكلام مقبول وصحيح لو كان مجردًا عن نسبته إلى ديوان زاهر، الذي حكم الرفاعي على شعره بالمناسبات، وأشد على يديه لو كان القول مجردًا عن النسبة؛ لأن المناسبة قد تفرض على الشاعر وهو غير متهيء وجدانيًّا لموضوع المناسبة، فهذا نظم وليس بشعر مطلقًا، ولكن زاهر لم يكن كذلك، بل كان متهيئًا وجدانيًّا ونفسيًّا للمناسبة التي قال فيها شعره إذا أمعنا النظر طويلًا فيه، وعلى سبيل المثال: المرثيات التي ذكرناها، لا تجد فيها تصوير إلّا يتناسب مع الغرض من الحزن والتأسي، بل كانت الصور كلها قاتمة حزينة مما يدل على قوة الانفعال وصدق التجربة الشعرية، مع أنَّ الشاعر أنشد المرثيات في مناسبات ذكرتها آنفًا.
وكذلك لو رجعنا إلى القصائد التي قالها في مناسبات العلم والتعليم وفي مؤتمرات الحجيج كل عام فعلى الرغم من هذه المناسبات تجد انفعالًا قويًّا وتجربة حية صادقة مثل قصيدة "عودي إلى درب الجهاد"، وقصيدة "في رحاب البيت"، "مشاعر الإلهام"، "ضيوف الرحمن"، "في ربا الحرمين"، "في مشاعر الحج"، وغيرها وقد مرت الأمثلة.

[1] الأدب الحديث: د. عبد الرحمن عثمان.
[2] مقدمة ديوان الألمعيات: ص7.
نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست