نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 251
تاقت النفس لأحلام الصبا ... والليالي الغر في عهد الصغر
تلك آمال بها كل المنى ... تغمر النفس بأطياف السحر
في رياض الزهر والورد التي ... تملأ القلب بإشعاع القمر1
ومع الخلان نعدو في الربا ... في رماعيها وأفياء الشجر
وغمام السحب يبدو في الذرى ... بذرف الطل ويأتي بالمطر
قطرات كنت قد شبهتها ... كجمان نثرها أو كالدرر
ليت شعري حين تأتي في الدجى ... غادة العمر لكي نقضي السمر
تحت ظل الدوح فواح الشذا ... تصدح الطير بأنغام الوتر
يا لها من ليلة جادت بها ... قدرة الله وتصريف القدر
حبذا لو صادفتنا دائمًا ... هذه الأقدار في وقت الكبر
كي ننال السعد في أيامنا ... والليالي عندما نقضي الوطر
قلت: الموهبة متمكنة من الشاعر، ومن يقرأ هذه القصيدة مع ارتجالها، وتراسل المشاعر فيها، وانثيال الصور الرائعة، مما يجعل شعره يسيل كالندى المعبق بالشذا والطيب، ولقد فطن لهذا الشاعر زاهر عواض حين علق على ديوانه قائلًا:
"كنت أود من أخي الشاعر يحيى الألمعي وهو في أبها؛ حيث الهواء الطلق والسماء الصافية، والشمس الساطعة، والغيث المسكوب، ينهل هتونًا فتجري به الأودية وتمتلئ الغدران ... أقول: ماذا يضير الشاعر وهو بين هذه المشاهد الرائعة، والمناظر الخلابة، أن يطوف بنا في مجال تلك الطبيعة الغناء أكثر فأكثر، ويتحفنا وهو الشاعر المطبوع من شعره، ويضفي علينا الإحساس بما أفاض الله عليه، فإن الطبيعة الفاتنة إذا صادفت كفئًا لها أضفى عليها ملابسها، وكشف عن نفائسها، وكانت له رائدًا فيما طلب وهاديًا حيث ذهب، وشاعرنا كان من أحق الشعراء في ذلك؛ لأنه من هنالك"[2].
وحين يستيقظ يحيى للألمعي من أحلام الصبا يبث شكواه إلى "الحبيب المجهول"، وكلاهما أحلام عذبة ينتشي لها الشاعر، فينسى آلامه وأحزانه، ويطهر بها قلبه من المكابدة والمعاناة، إن الصورة الشعرية القوية أحيانًا حينما تهز الوجدان تذهب بالحزن وتنسخ المعاناة، وتزيل مرارة الحرمان، فيحيا بها الوجدان مرة ثانية، فما بالك بالشاعر الذي ينسج الصور الشعرية الرائعة كالغيث الذي ينزل على الأرض، فيترك الصخر أملس ناعمًا لينجرف ما عليه في التيارات
1 التي تملأ: تعود على الآمال التي تملأ [2] مقدمة الديوان: 19، 20 الدكتور زاهر عواض.
نام کتاب : المذاهب الأدبية في الشعر الحديث لجنوب المملكة العربية السعودية نویسنده : علي علي صبح جلد : 1 صفحه : 251