نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 21
قفا فاحبسا تلك الركاب وأطلقا ... دموي، فهل بعد الديار أكاتم؟!
فعهدي بهذا الربع والشمل جامع ... وسيان عندي عاذر لي ولائم
أبيت كما شاء السرور ولا أرى ... من الهم ما تثنى عليه الحيازم
إخوان صدق كالثريا نفوسهم ... سمت ووهت شحناؤهم والسخائم
بقيت وقد أودوا عناء وشقوة ... وإني على عد سقوا منه حائم
إذا ما تذكرت الديار وأهلها ... ووحشتها منهم أقل أنا حالم
وقال أيضاً:
يا ديار الأحباب ما فيك للمح ... زون إلا البكاء والتسليم
أين سكانك الذين بهم كا ... ن على العيش نضرة ونعيم؟!
أقفرت منهم الديار وأضحت ... دارسات كأنهم رقوم
ليت أنى ناهلتهم جرع المو ... ت، فعيشي بعد الأحبة لوم
وقال أيضاً - رحمه الله -:
يا إخوتي وذوي ودي وخالصتي ... حزني عليكم مدى الأيام متصل
أحبب إلي بليل التم أسهره ... تفكراً فيكم، والدمع ينهمل
دياركم إن خلت منكم وفارقها ... نور المهابة وانحطت بها الكلل
فما الزمان بمأمون على أحد ... ولا تدوم به الأيام والدول
كنتم كأنكم شمس النهار بها ... قد أشرقت وهي من أبراجها الحمل
وقال أيضاً - رحمه الله -:
إخوتي شلت يد البي ... ن لقد جارت علينا
واعتدى الدهر بلا جر ... م وما كنا اعتدينا
فتفرقنا، كأنا ... لم نكن قط التقينا
ويح قلبي من ديار ... كنتم فيها عفينا
أصبحت قفراً كأنا ... لم نكن فيها ثوينا
لا أقر الله من قر (م) ت له بالبين عينا
وهذه الأبيات من شعري في هذا المعنى قلت:
هذي ديار بني أبي ومعاشري ... قفر عليها وحشة وظلام
درست محافظة لهم، وتوحشت ... من بعدهم، وتعفت الأعلام
فإذا مرتت بها فقل ... متمثلاً
: "يا دار ما صنعت بك الأيام"
[نصف المصراع مضمن لأبي نواس] .
وقلت:
إذا أنا شارفت الديار تحدثت ... بمكنون أسراري الدموع الذوارف
وماذا انتفاعي بالديار وقربها ... إذا أقفرت من كل من أنا آلف
وقلت:
تقول لي الأشواق: هذي ديارهم ... فقلت: نعم، لكنها منهم قفر
وما كنت أهوى الدار إلا لأهلها ... وبعدهم لا جاد ساكنها القطر
فما الدار تلك الدار بعد قطينها ... ولا الدهر فيها بعدهم ذلك الدهر
وقلت:
ديار خلت من أهلها وتوحشت ... فليس بها مرعى لعين ولا خصب
علاها البلى حتى تعفت رسومها ... وأنكرها طرفي فأثبتها القلب
وقلت:
بنو منقذ ما أنقذوا من زمانهم ... وكم أنقذوا من مرهق وأسير
أجاروا على الأيام فاضطغنتهم ... وما استمسكوا من جورها بمجير
فلم يبق منهم غير حي كميت ... أخي حسرة ما تنقضي وزفير
فقد أقفرت منهم ديار عهدتها ... غياثاً لملهوف، وذخر فقير
وما أقفرت من ساكن بل من العلى ... ومن نائل هامي السحاب غزير
وقلت:
ديار الهوى حيي معالمك القطر ... وإن لم يدع إلا تذكرك الدهر
عهدتك أفقاً للسعود، وساكنو ... ربوعك في أرجائك الأنجم الزهر
وعصرهم فصل الربيع نضارة ... فهل يرجعن لي ذلك الزمن النضر
إذا مر في فكري الديار وأهلها ... فيالي من وجد يجدده الذكر
إذا أوحشتني وحدتي بعد فقدهم ... ولهت، كأني قد أصابني السحر
فكيف التسلي والتأسي فيهم ... ولا عوض منهم، ولا عنهم صبر
لقد ساءني الدهر الذي سرني بهم ... وما ظلموا ساءوا قصاصاً بما سروا
وقلت:
لا جاد ربعك من ديار أقفرت ... من أهلها صوب الغمام الماطر
لم يبق منك الدهر إلا حسرة ... للذاكرين، وعبرة للناظر
يا حسن أول ذلك الدهر الذي ... قد كان فيك وقبح هذا الآخر!
وقلت:
إذا بكى لديار باد ساكنها ... ذو وحدة ساءه في داره الزمن
بكيت أهلي وأوطاني وآسفني ... أن ليس لي بعدهم دار ولا سكن
أخنى الزمان على قومي وملك أو ... طاني سواي، فلا أهل ولا وطن
ولم تدع لي المنايا مشتكى حزن ... أبثه كمدى إن عادني حزن
نام کتاب : المنازل والديار نویسنده : أسامة بن منقذ جلد : 1 صفحه : 21