responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 177
كجمانة البحريّ جاءَ بها ... غوَّاصها من لَّجة البحرِ
صلبُ الفؤادِ رئيسُ أربعةٍ ... منخالفي الأَّلوان والنَّجرِ
فتنازعوا حتَّى إذا اجتمعوا ... ألقوا إليهِ مقالدَ الأمرِ
وعلتْ بهم سجحاءُ خادمةٌ ... تهوي بهم في لجَّةِ الغمرِ
حتَّى إذا ما ساء ظنَّهمُ ... ومضى بهم شهرٌ إلى شهرِ
ألقى مراسيهُ بتهلكةٍ ... ثبتتْ مراسيها فما تجري
فأنصبَّ أسقفُ رأسهِ لبدٌ ... نزعت رباً عيناهُ للصَّبرِ
أشفى يمجُّ الزيتَ ملتمسٌ ... ظمآنُ ملتهبٌ من القفرِ
قتلت أباهُ فقال أتبعه ... أو استفيدَ رغيبة الدهر
نصفَ النهار الماءُ غامرهُ ... وشريكهُ بالغيب ما يدري
فأصاب منيتهُ فجاءَ بها ... صدفَّيةً كمضيئة الجمرِ
يعطى بها ثمناً فيمنعهَ ... ويقول صاحبهُ أر تشري
وترى الصواري يسجدون لها ... ويضمَّها بيديهِ للنَّحرِ
فلتلك شبهُ المالكيَّة إذ ... طلعت ببهجتها من الخدرِ
(الملاحة) كما اشتهر نصارى العرب بالتجارة البرية كذلك أصابوا في التجارة البحرية سهماً فائزاً، وقد بينا سابقاً انتشار النصرانية في سواحل جزيرة العرب في اليمن وعمان والبحرين فوجدوا في مجاورة البحار وسائل جديدة لتنمية ثروتهم وزيادة أرباحهم، فكان الحميريون وأهل البحرين يحسنون اصطناع السفن وعمارتها فيقطعون بها خليج العرب إلى الحبشة وبحر عمان إلى الهند وخليج فارس إلى جهات العجم، وقد أشاروا إلى ذلك في شعرهم قال عمرو بن كلثوم التغلبي في معلقته يفتخر بكثرة سفن قبيلته تغلب النصرانية:
ملأتا البرَّ حتَّى ضاق عنَّا ... وظهر البحرِ نملاهُ سفينا
وقد أحسن طرفة لسفن قومه في البحرين فذكر بعض أشكالها العظيمة وهي الخلايا والعدولية من سفن البحرين وذكر أحد رؤساء البحر المدعو ابن يامن ومخر سفينته غمر المياه فقال:
كأنَّ حدوجَ المالكيَّة غدوةً ... خلايا سفين بالنواصف من ددِ
عدوليَّة أو من سفين ابن يامنٍ ... يجورُ بها الملاَّحُ طوراً ويهتدي
يشقُّ حبابَ الماء حيزومها بها ... كما قسم التُّربَ المفائلُ باليدِ
وذكر الأعشى النوتي السائر بسفنه على الفرات عند طغيانه:
مثل الفُّراتي إذا ما طما ... يقذفُ بالوصيّ والماهرِ
وأشار أمرؤ القيس إلى طلي السفن بالقير:
فشَّبهتم في الآلِ حين زهاهمُ ... عصائبَ دوم أو سفيناً مقيَّرا
وقال الشماخ يذكر سفن البحرين وغواربها الكبيرة:
رماحُ ردينةٍ وبحار لجس ... غواربها تقاذفُ بالسفينِ
وكانوا يدعون النوتي ملاحاً وصراريا جمعه صراري أيضاً وصراء قال ربيعة ابن مقروم:
وأعرضَ واسطٌ فعدلنَ عنهُ ... كما عدلَ الصراريُّ السفينا
وقال الممزق العبدي:
إلا ابنَ خلتنا وحسبتنا ... صراري نعطي الماكسينا مكوسا
على أن فن الملاحة الذي كان يعرفه ويزاوله عرب الحضر في سواحل الجزيرة كان في الغالب مجهولاً لدى عرب الحجاز ونجد، بل كانوا يعدون ركوب البحر كالطامة العظمى فبعد انتشار الإسلام وثبوت قدمه إذ رأووا في سواحل الشام ومصر سفن الروم أرادوا أن يعبروا البحر ليغزوا الجزيرة كقيرس أو سواحل اليونان وآسيا الصغرى فالتجأوا إلى من كان حوزتهم من الروم في الشام والأقباط في مصر ومن نصارى العرب في جهات البحرين فتعلموا منهم صناعة السفن كما اخذوا صناعة التجارة لأن إنشاء السفن يحتاج إليها لما يدخلها من الألواح والدسر والصواري والمجاديف مع هندسة أجزائها فعمروا لهم السفن وجهزوها لحروبهم في أيام معاوية ودولة بني أمية وفي اللغة ما يدل على أصل فن الملاحة الأجنبي فترى فيها ألفاظاً متعددة أما رومية وأما آرامية أو حبشية تثبت حدوث الملاحة في الحقبة الأولى من الإسلام وقد تقلدوا في صنعها صورة مراكب الروم واليونان في هيئاتها المختلفة وأجرامها المتباينة، فمما استعاروه من اليونانية: أسطول (كلمة يونانية) أنجر (كلمة يونانية) نوتي (كلمة يونانية) ومن السريانية أو الآرامية: سفينة، قارب، قرقور، دقل، ربان، ملاح، سكان، قلع، مجذاف، صار، ومن الحبشية: بحر، شراع، مرسى.

نام کتاب : النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية نویسنده : لويس شيخو    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست