responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 344
دورًا كبيرًا، وقد تبعه القصاص والوعاظ المسلمون يزيدون في النسيج خيوطًا فإذا الأعشى كأنه واعظ من وعاظ الكوفة، يتحدث إلى الناس حديث عظة عن الدهر وتقلباته والموت وما طوى من الملوك وأسباب ترفهم ونعيمهم، وكيف يأتي على الناس؛ فالكل إلى فناء، ولا يبقى سوى وجه ربك ذي الجلاء والإكرام ولا يبدو ذلك في قصيدة من ديوانه أو قصيدتين؛ بل إنه يجري في قصائد كثيرة واقرأ قصيدته ذات الرقم[2] فإنك ستراه يستهلها بالحديث عن حياة الإنسان وما يلقى فيها من العناء والشقاء بالموت وما ينزل به من الأمراض والأحزان، وكيف أن أحدًا لا يستطيع الفرار من المنية، ويسترسل في الحديث عمن مات من الملوك الأولين. وفجأة يخرج إلى الحديث عن لذاته. ولعل من الطريف أن القدماء أنكروا القصيدة[1]. ومثلها القصيدة رقم 4 وفيها يتحدث عن طوافه في البلاد، وقد أنشدنا منها فيما مر البيتين اللذين يذكر فيهما أنه زار أورشليم والنجاشي في أرضه، ولكن ليس هذا هو الذي نقف عنده فحسب؛ فقد مضى يتحدث عن قصة حصن الحضر وتخريب سابور له بجنوده، وينهي قصته تلك بقوله:
وَفي ذاكَ لِلمُؤتَسِي أُسوَةٌ ... وَمَأرِبُ قَفّى عَلَيها العَرِم2
ويمضي في هذه القصة قصة سد مأرب وخرابه وتشتت حمير في البلاد، متخذًا من ذلك عظة جديدة. وعلى هذا المثال قصيدته رقم13 وفيها يحدثنا عن زرقاء اليمامة وكيف عصاها أهلها ولم يأتمروا بأمرها حين خوفتهم جيوشًا قادمة هي جيوش حسان تُبَّع، وقدمت الجيوش فجعلت عاليها سافلها وحطمتهم حطمًا، وقد شك القدماء في القصيدة وأنكروها[3]. وليس في القصيدة رقم14 ذكر للملوك الأولين؛ ولكنها تحمل وصية خلقية بها كثير من الخيوط الإسلامية تجعلها أشبه بموعظة؛ إذ لا يعد القريب قريب النسب، وإنما هو قريب الود والبر، ويقول إنه ليس عاقًّا ولا ذا نميمة، وإنه لا ينتظر من الناس جزاءه وإنما ينتظره من ربه. ومثل هذه المعاني تجعلنا نشك فيها كما نشك في القصيدة رقم33 وفيها حديث طويل عن فناء الحياة وأن كل شيء فيها إلى زوال؛ فالكل هالك كما هلك ساسان.

[1] انظر الموشح للمرزباني ص49.
[2] العرم: سيل مشهور.
[3] الموشح ص49.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست