responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 351
كَناطِحٍ صَخرَةً يَومًا لِيَفلِقَها ... فَلَم يَضِرها وَأَوهى قَرنَهُ الوَعِلُ1
وواضح أنه يوبخه ساخرًا منه مزدريًا له؛ إذ يقول: يا أبا ثبيت أما تنفك تسعى بالشر والفساد وتقع في أعراضنا بالذم والقدح؟ ألست منتهيًا عن ذمنا وتنقصنا؟ وإنك مهما أتيت من قوارع الطعن لن تضر أصلنا الشامخ مدى الدهر، وما مثلك إلا كمثل وعل ينطح صخرة ليضعفها؛ فاستعصت عليه ولم يضرها ولم يوهنها إنما ضر قرنه وأوهنه. وارجع إلى قصيدتيه اللتين يهجو بهما علقمة بن علاثة؛ فستجده يعمد إلى هذا اللون من السخرية المرة بعلقمة؛ إذ يقول له في أولادهما موازنًا بينه وبين خصمه ومنافره عامر بن الطفيل:
عَلقَمَ ما أَنتَ إِلى عامِرٍ ... الناقِضِ الأَوتارَ وَالواتِرِ2
يا عَجَبَ الدَهرِ مَتى سَوَّيا ... كَم ضاحِكٍ مِن ذا وَكم ساخِرِ
وَلَستَ بِالأَكثَرِ مِنهُم حَصىً ... وَإِنَّما العِزَّةُ لِلكاثِرِ3
عَلقَمَ لا تَسفَه وَلا تَجعَلَن ... عِرضَكَ لِلوارِدِ وَالصادِرِ
وَلَستَ في السِلمِ بِذي نائِلٍ ... وَلَستَ في الهَيجاءِ بِالجاسِرِ4
وهذا من أشد الهجاء وأمضه، ولو أنه شتم وأفحش لعد سفيهًا، أما أن يهجو على هذا النحو من التعريض؛ فإنه يجعل الظنون تتسع كما يجعل النفوس تتعلق بمعنى كلامه وتكثر من تأويله. وهو يشير في الأبيات إلى حكم هرم بن قطبة حين تنافر إليه علقمة وعامر؛ فسوى بينهما في عبارته المأثورة: "إنكما كرُكْبَتي البعير الأدرم -الفحل- تقعان على الأرض معًا" والأعشى يرد هذا الحكم وينقضه قائلًا: أين الثَّرى من الثَّرَيَّا. وقد مضى في القصيدة الثانية يذمه، ولم يكن من أبياتها بيت أشد إيلامًا لعلقمة من قوله:
تبيتون في المَشْتَى مِلاءً بطونُكم ... وجاراتُكم غَرْثَى يَبِتْن خَمائصا5

1 الوعل: من الماعز الجبلي.
2 الأوتار: جمع وتر وهو الثأر وناقصها: الآخذ. الواتر: الذي يترك ثأرهم في الأعداء فلا يستطيعون نقضه.
3 الحصى هنا: العدد.
4 النائل: العطاء. الجاسر: الجريء.
5 المشتى: زمن الشتاء. غرثى: جائعة خمائص: ضامرات البطون.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست