responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 408
ومنا حَكَمٌ يَقْضِي ... فلا يُنْقَضِي ما يَقْضِي
وتنسب إليه حكم ووصايا كثيرة لقومه[1].
على أن أكثر حكمهم وأمثالهم لا يعيِّنون قائلها، وهذا طبيعي لأنها تنبعث غالبًا من أناس مجهولين من عامة القبائل، ممن لا يمجدون ولا يحفل بهم الناس، وهم أيضًا لا يحفلون بأنفسهم لأنهم من العامة، والعامة عادة لا يهتمون بنسبة فضل إليهم. ولا بد أن نلاحظ أن بعض أمثالهم يخفي المعنى المراد منه، ومن أجل ذلك كان لا يفهم إلا بالرجوع إلى كتب الأمثال، كقولهم: "بعَيْنٍ ما أرينّك" فإن معناه: أسرع، وهو معنى لا يتبادر إلى السامع من ظاهر اللفظ، ومن ثم علق عليه أبو هلال العسكري بقوله: "هو من الكلام الذي قد عرف معناه سماعًا من غير أن يدل عليه لفظه2" ولا بد أن نلاحظ أيضًا أن الأمثال لا تتغير، فتقول: " الصيف ضيَّعتِ اللبن3" بكسر التاء إذا خاطبت الواحد والواحدة والاثنين والاثنتين والجماعة. ومن ثم كانوا يستجيزون في المثل مخالفة النحو وقواعد التصريف والجمع، ففي أمثالهم: "أعط القوسَ باريها4" بتسكين الياء في باريها والقياس فتحها، وفيها أيضًا: "أجناؤها أبناؤها" جمع جان وبان، والقياس. "جُناتها بُناتها" لأن فاعلًا لا يجمع على أفعال.
وإذا كانت بعض الأمثال تخالف نظام التصريف والنحو فإن الكثرة الكثيرة لا تشذ على هذا النظام؛ بل إن طائفة تدخل في الصياغة الجاهلية البليغة إذ نطق بها بعض بلغائهم وفصحائهم من أمثال أكثم بن صيفي، وعامر بن الظرب، وكان خطباؤهم المفوهون كثيرًا ما يعمدون إلى حشدها في خطابتهم، يقول الجاحظ: "كان الرجل من العرب يقف الموقف فيرسل عدة أمثال سائرة، ولم يكن الناس جميعًا ليتمثلوا بها إلا لما فيها من المرفق والانتفاع5" وتبع شعراؤهم خطباءهم يودعونها أشعارهم. ومن ثم كنا نجد كثيرًا منها يتم له لحنه الموسيقي؛ فإذا هو شطر

[1] البيان والتبيين: 1/ 401، 2/ 199.
2 جمهرة الأمثال للعسكري على هامش مجمع الأمثال للميداني: 1/ 168.
3 يضرب هذا المثل لمن يطلب حاجة بعد فوت أوانها.
4 أي استعن على ما تعمل بأهل الحذق والمهارة.
5 البيان والتبيين: 1/ 271.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست