responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 409
أو بيت. وكثيرًا ما نلاحظ في بعض عباراتها احتفالًا بتوازن الكلمات توازنًا ينتهي بها إلى السجع كما نلاحظ في بعض جوانبها اهتمامًا بالتصوير، ومن أجل ذلك يقول النَّظَّام إنها: " نهاية البلاغة لما تشتمل عليه من حسن التشبيه وجودة الكناية1" واقرأ هذه الأمثال:
"تجوع الحُرَّةُ ولا تأكل بثَدْيَيْها"[2]. "المقدرة تُذْهب الحفيظة". "مقتل الرجل بين فكيه"[3]. "إن المرء بأصغريه: قلبه ولسانه". "من استرعى الذئب ظلم". "في الجريرة تشترك العشيرة"[4]. "ويأتيك بالأخبار من لم تزود"[5]. "كذي العُرّ يكوي غيره وهو راتع"[6]. "استنوق الجمل"[7]. "كالمستجير من الرمضاء بالنار"[8]. "حلب الدهر أشطره"[9]. "يَخْبِط خَبْط عَشْواء"[10]. المنية ولا الدنية[11]. تحت الرغوة اللبن الصريح[12]. هدنة على دخن [13]. رمتني بدائها وانسلت.
فإنك تحس جمال الصياغة وأن صاحب المثل قد يعمد إلى ضرب من التنغيم الموسيقي للفظه؛ فإذا هو يسجع فيه أو إذا هو ينظمه شطرًا من بيت. وقد يعمد إلى ضرب من الأخيلة، ليجسِّم المعنى ويزيده حدة وقوة. والحق أن كل شيء يؤكد أن العرب في الجاهلية عنوا بمنطقهم واستظهار ضروب من الجمال فيه، سواء ضربوا أمثالهم أو تحدثوا أو خطبوا، وقد وصفهم جل وعز أو وصف فريقًا منهم بقوله: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وكأنما أصبحت المقدرة البيانية عندهم سليقة من سلائقهم؛ ولذلك لم يكن عجبًا أن تكون آية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على صدق رسالته معجزة بلاغية لا يستطيعون أن يجاروها هي القرآن الكريم {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} .

1 مجمع الأمثال: 1/ 5.
[2] يضرب في صيانة الرجل الكريم نفسه عن المكاسب الخسيسة.
[3] بين فكيه: أي لسانه وما يتكلم به.
[4] الجريرة: الجناية.
[5] شطر بيت لطرفه.
[6] شطر بيت للنابغة.
[7] استنوق: أصبح ناقة. يضرب مثلًا لمن يظهر أن عنده رأيًا ثم يتضح عجزه.
[8] الرمضاء: الأرض شديدة الحرارة.
[9] أشطره، الأشطر: أخلاف الناقة يضرب مثلًا لمن عرك الدهر.
[10] العشواء: الناقة ضعيفة البصر، يضرب مثلًا في التعثر.
[11] الدنية: العمل الدنيء.
[12] الصريح: الخالص.
[13] دخن: حقد.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست