responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 410
الخطابة:
ليس بين أيدينا نصوص وثيقة من الخطابة الجاهلية، لما قلناه من بعد المسافة بين العصر الذي قيلت فيه عصور تدوينها؛ ولذلك كان ينبغي أن نحترس مما رواه منها صاحب الأمالي وصاحب العقد الفريد، فأكثره أو جمهوره منحول؛ على أن اتهامنا لنصوصها لا ينتهي بنا إلى إنكارها على الجاهليين؛ بل إنه لا ينتهي بنا إلى إنكار ازدهارها كما حاول بعض الباحثين[1]؛ فقد كان كل شيء عندهم يؤهل لهذا الازدهار؛ إذ لم يكن ينقصهم شيء من الحرية، وكثرت المنازعات والخصومات بينهم والدعوة إلى الحرب مرة وإلى العلم مرة أخرى. وقد اتخذوا من مجالسهم في مضارب خيامهم ومن أسواقهم ومن ساحات الأمراء ووفاداهم عليهم ميادين لإظهار براعتهم وتفننهم في المقال وحوك الكلام. وأسعفتهم في ذلك ملكاتهم البيانية وما فطروا عليه من خلابة ولسن وبيان وفصاحة وحضور بديهة؛ حتى ليقول الجاحظ: "وكل شيء للعرب فإنما هو بديهة وارتجال، وكأنه إلهام، وليست هناك معاناة ولا مكابدة ولا إجالة فكرة ولا استعانة؛ وإنما هو أن يصرف وهمه إلى الكلام.. عند المقارعة أو المناقلة أو عند صراع أو في حرب، فما هو إلا أن يصرف وهمه إلى جملة المذهب وإلى العمود الذي إليه يقصد، فتأتيه المعاني أرسالًا "أفواجًا" وتنثال عليه الألفاظ انثيالًا.. وكان الكلام الجيد عندهم أظهر وأكثر، وهم عليه أقدر، وله أقهر، وكل واحد في نفسه أنطق، ومكانه من البيان أرفع، وخطباؤهم للكلام أوجد، والكلام عليهم أسهل، وهو عليهم أيسر.. من غير تكلف ولا قَصْد ولا تحفظ ولا طلب"[2].
وكل ذلك عمل على ازدهار الخطابة في الجاهلية، وأن تتناول أغراضًا مختلفة؛ فقد استخدموها في منافراتهم ومفاخراتهم بالأحساب والأنساب والمآثر والمناقب، كمنافرة علقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل إلى هرم بن قطبة الفزاري[3] ومنافرة

[1] في الأدب الجاهلي لطه حسين: ص374.
[2] البيان والتبيين: 3/ 28.
[3] أغاني "ساسي" 15/ 51.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف    جلد : 1  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست