نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 427
إلى الثقة به. ولكن بجانبه شعر صحيح رواه الثقات وعلى رأسهم المفضل الضبي والأصمعي، وهو الذي نستند عليه في دراسة الأدب الجاهلي، دراسة نُخضعه فيها لبحث داخلي دقيق. ومن أجل ذلك وقفت عند مصادره لأدل على قيمتها ومدى توثقها.
ومضيت أبحث في خصائص الشعر الجاهلي؛ فتحدثت عن نشأته وأنها انطمرت في ثنايا الجاهلية الأولى، بحيث لا نجد منذ أوائل العصر الجاهلي أو الجاهلية الثانية شيئًا نستبين منه طفولته، إنما نجد هذه الصورة النموذجية المعروفة للقصيدة الجاهلية، وهي صورة شاعت بين القبائل جميعًا، وكان للقبائل المضرية منها بالذات الحظ الأوفر. ووقفتُ عند موضوعاته، ولاحظت فيها بقايا من الصلة القديمة بين شعرهم والأناشيد الدينية التي كانوا يرتلونها لآلهتهم؛ كما وقفت عند معانيه ولاحظت أنها حسية تغلب عليها السطحية والتقريرية والسرعة السريعة، أما ألفاظه فكاملة الصياغة حافلة بالصقل والتجويد، زاخرة بقيم موسيقية وتصويرية كثيرة.
وأفردت بعد ذلك فصولًا لأربعة من الشعراء، يعدهم النقاد السابقين المجلين في العصر الجاهلي، وهم: امرؤ القيس، والنابغة، وزهير، والأعشى. واعتمدت في دراسة الثلاثة الأولين على رواية الأصمعي لدواوينهم، وبدأت بامرئ القيس؛ فتحدثت عن حياته وكيف دخلتها الأسطورة، ثم تحدثت عن ديوانه، وبحثته بحثًا داخليًّا؛ فإذا أكثر ما يضاف إليه تشويه الريبة بشهادة الأصمعي، واستظهرت أن تكون المعلقة وتاليتها في ديوانه صحيحتين في جملتهما ومثلهما القصيدتان الحادية عشرة والسابعة والعشرون لأنهما من رواية أبي عمرو بن العلاء، الثقة الصدوق. ولا يبقى له بعد ذلك إلا مقطوعات قصيرة تعرض فيها لمن أجاروه ومن رفضوا جواره. واستطعتُ من خلال هذه النصوص القليلة أن أوزع شعره على دورتين في حياته، دورة غلب عليه فيها اللهو والعبث، ودورة ثانية غلب عليه فيها الحزن والإحساس بسوء المصير. وأخيرًا صوَّرتُ خصائصه الفنية مبينًا منزلته في الشعر الجاهلي وكيف عُدَّ أياه غير منازع ولا مدافع.
وبحثت بعده النابغة الذبياني؛ فتحدثت عن حياته، وكيف أمضاها في بلاط.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 427