نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 87
وتمتلئ كتب الأمثال والأدب بما دار على لسان لقمان وغيره من حكماء الجاهلية من حكم، مثل قول أكثم: "مقتل الرجل بين فكيه" وقول عامر بن الظرب: "رب زارع لنفسه حاصد سواه". وفي الشعر الجاهلي كثير من هذه الحكم، وهي تذكر في ثنايا كلامهم من مثل قول طرفة في معلقته:
أرى العَيْشَ كَنْزًا ناقصًا كل ليلةٍ ... وما تَنْقُصِ الأيام والدهر يَنْفَدِ
وممن اشتهر بهذه الحكم الأفوه الأودي ولبيد وعبيد بن الأبرص، وفي خاتمة معلقة زهير طائفة كبيرة منها على شاكلة قوله:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما في غد عم
ومن لا يصانع في أمور كثيرة ... يضرَّس بأنياب ويوطأ بمنسم1
ومن لا يَذُد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومن هاب أسباب المنية يلقها ... ولو رام أسباب السماء بسُلَّم
ومهما تكن عند امرئ من خليقة ... وإن خالها تخفى على الناس تُعلم
وكان أكثر حكمهم يستقى من مروءتهم وسُننها التي وصفناها فيما مر من حديثنا، وهي تجري مجرى التعاليم التي ينبغي أن يأخذوا بها في حياتهم. وقد وقف شعراؤهم كثيرًا عند فكرة الحياة والموت والدهر وما يرمي به الناس، وكانوا يرون أنه لا مفر من الموت ولا حيلة منه، فلا ينفع إزاءه صحة ولا شباب ولا قوة، وكثيرًا ما يذكرون من سبقهم إليه متخذين من ذلك عظتهم، يقول قس بن ساعدة2:
في الذاهبين الأولـ ... ـين من الشعوب لنا بصائر
لما رأيت مواردًا ... للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها ... تسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجعن قومي إلـ ... ـي ولا من الباقين غابر
1 المصانعة: الترفق والمداراة، يضرس: يعض، المنسم: خف البعير.
2 حماسة البحتري ص 99 وانظر البيان والتبيين 1/ 309.
نام کتاب : تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي نویسنده : شوقي ضيف جلد : 1 صفحه : 87