[4]- أسره:
بعد مقتل عمرو بن هند، أصبح التغلبيون في عداوة مع جميع القبائل الخاضعة للمناذرة أو المحالفة إياهم، ومنهم بنو بكر أعداء التغلبيين الألداء، فاضطروا إلى مقاتلتهم جميعًا، وفي إحدى غزواتهم، أغار عمرو بن كلثوم على بني تميم، ثُمَّ مر من غزوة ذلك على حي من بني قيس بن ثعلبة فملأ يديه منهم وأصاب أسارى وسبايا، وكان فيمن أصاب أحمد بن جندل السعدي، ثم انتهى إلى بني حنيفة باليمامة وفيهم أناس من عجل، فسمع به أهل حجر[4]، فكان أول من أتاه من بني حنيفة بنو سحيم عليهم يزيد بن عمرو بن شمر.... فانتهى إليه يزيد بن عمرو، فطعنه فصرعه عن فرسه، وأسره. وكان يزيد شديدًا جسيمًا، فشدّه في القِدّ، وقال له: أنت الذي تقول "من الوافر":
متى نعقد قرينتنا بحبل ... نجذ الحبل أو نقصِ القرينا
أما إني سأقرنك إلى ناقتي، فأطردكما جميعًا. فنادى عمرو بن كلثوم: يا لربيعة! أمثلة[5]! قال: فاجتمعت بنو لجيم، فنهوه، ولم يكن يريد ذلك به، فسار به حتى أتى [4] حجر: مدينة اليمامة، وأم قراها "معجم البلدان [2]/ 256". [5] الْمُثْلَة: العقوبة والتنكيل.
فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا ... فأمسك من ندمانه بالْمُخَنّق1
وجلله عمرو على الرأس ضربة ... بذي شطب صافي الحديدة رونق2
وكان لعمرو أخ يقال له مرة، فقتل المنذر ابن النعمان وأخاه، وإياه عنى الأخطل بقوله لجرير "من الكامل":
أبني كليب إن عمي اللَّذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا3
1 مصلتًا: مجرِّدًا السيف من غمده، الندمان: الذي ينادم على الشراب. المخنق: موضع حبل الخنق من العنق. [2] الأغاني 11/ 49؛ وديوان شعر عمرو بن كلثوم ص 16، والشعر والشعراء 1/ 241، وشعراء النصرانية ص 194؛ وفي إيراد الأبيات بعض الاختلاف. والشطب: جمع الشطبة، وهي الخط في متن السيف من شدة بريقه. والرونق: ماء السيف وصفاؤه وحسنه.
3 ديوانه ص 387؛ والأغاني 11/ 49. واللذا: اللذان وحذفت النون للضرورة الشعرية.