الشام، فمنهم من يسير إلى أبي عبيدة، ومنهم من يسير مع يزيد.. يسير كل إلى من أحب[1].
وبعد هذه التعديلات سمى أبو بكر كور الشام، لكل أمير كورته، فلأبي عبيدة حمص، وليزيد دمشق، ولشرحبيل الأردن، ولعمرو بن العاص فلسطين[2].
وبينما تدور معركة في بصرى -وجيوش المسلمين تتداعى إلى التساند- وصل خالد بن الوليد في كتيبة العراق، التي تضم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين استأثر بهم دون المثنى[3]، ويجتمع في اليرموك -التي شهدتها كل الجنود الإسلامية- ستة وأربعون ألفًا، هي كل جند الشام، وكثرتها الكثيرة من عرب اليمن. فجيش خالد بن سعيد الذي تقسمه القواد: عكرمة وشرحبيل ومعاوية -كان يمنيًّا، وكذلك جيش الوليد وجيش عمرو بن العاص[4]، وأمداد عكرمة وذي الكلاع المكونة من الأزد ومذحج وطيئ وغيرها من قبائل اليمن، وكثرة كتيبة خالد بن الوليد التي كان فيها ألف من الأنصار من أهل بدر. أما جند يزيد بن أبي سفيان فهو ألف من أهل مكة. بينما لا نعلم شيئًا عن جند أبي عبيدة، وإن كان المظنون أنه من المهاجرين والأنصار.
وعلى الرغم من هذا فإننا لا نجد أثرًا ولو ضئيلًا لتكتل هذه العصبية في شعر الفتح الإسلامي في الشام، فبذور العصبية التي عانَى منها المسلمون فيما بعد في هذه البلاد، وسيطرت فيها على مقدرات الحياة إلى نهاية الدولة الإسلامية لا يوجد لها أثناء عملية الفتح ظل ولو شاحب يدل عليها، ففضلًا عن انصهار هذه العصبيات في بوتقة العمل الموحد في سبيل الله والعقيدة الواحدة، وفضلًا عن التضامن تحت شعار الوحدة وإنكار الذات والتفاني في سبيل الهدف الأسمى، لم تكن هناك فرصة لظهور هذه العصبيات؛ إذا انعدم التوازن بينها، فالكثرة الكثيرة من أهل اليمن. وإذا كنا نعرف أن [1] الطبري ج4، ص2108. [2] المرجع نفسه. [3] الطبري ج4، ص2091. [4] يذكر المؤرخون أن جيش عمرو لفتح مصر كان من محاربي الشام، ويذكر ياقوت ج3 ص893 أن كثرته كانت من عك، بينما يذكر ابن عبد الحكم أن جميعه من عك ص51، أو أن ثلثه من غافق، وكذلك يذكر الكندي أيضًا، الولاة ص8.