التي هاجر إليها الشعر أن يعنوا بدراسة حركة الفتح الإسلامي، وما تشتمل عليه من البذور الفاعلة من هجرة الدين واللغة والدم.
ولا شك أن المصادر التي تشتمل على شعر الفتح كثيرة ومتعددة، إلا أن المتقدمين من العرب عالجوا هذا الشعر لا بسبيل الفن وقيمه، وإنما فعلوا ذلك لغاية التاريخ، وفي مطالب الأحداث التاريخية والتراجم وما أشبه، كما فعل ابن عبد البر 368هـ بتأريخه للصحابة تأريخًا إجماليًّا في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" حينما يترجم لمن اشترك في الفتوح منهم، ذاكرًا أثارة من شعرهم إن كان له نصيب من الشعر، ومثله في ذلك ابن الأثير 630هـ في "أُسْد الغابة في معرفة الصحابة" وإن كانت تراجمه أوسع، ومقدار ما يروي من الشعر أكثر، وعلى مثل هذا سار ابن حجر العسقلاني 852هـ في "الإصابة في تمييز الصحابة" إلا أن تراجمه أشمل من صنيع سابقيه، وفيها فرصة لإيراد أكثر من رواية للحادثة الواحدة، وإن كان لا يُعْنَى بمناقشة ما يتعارض من الروايات وما يختلف من الأشعار، وبجانب كتب الصحابة هناك كتب التاريخ الإسلامي، وأكثرها اهتمامًا برواية شعر الفتوح "تاريخ الأمم والملوك" لابن جرير الطبري 310هـ، وهو يروي الشعر في ثنايا الوقائع أو في أعقابها، منسوبًا إلى صاحبه أو إلى أحد المسلمين، ومنها أيضًا "فتوح مصر" لابن عبد الحكم على ندرة ما يروي من الشعر، وكذلك "مروج الذهب ومعادن الجوهر" للمسعودي 345هـ، و"فتوح البلدان" للبلاذري 279هـ، وعلى الرغم من قلة ما يرويه من الشعر فإنه ينفرد أحيانًا برواية أشعار لا يرويها كتاب غيره، وكذلك "فتوح الشام" للواقدي 207هـ، و"الأخبار الطوال" وغير ذلك.
وفي الحقيقة أن كثرة شعرالفتوح تقع في "معجم البلدان" لياقوت، فهو لا يذكر مدينة أو بلدة أو قرية أو محلة للجند إلا ويروي ما قيل في فتحها من الشعر، ولكنه لا يتحرى في الأغلب ذكر المناسبة القريبة، ولا يحدد الفتح تحديدًا تاريخيًّا قدر تحريه رواية كل ما قيل في فتحها بصورة عامة، قد تشمل عصورًا متعاقبة، دون أن يفصل بين الأشعار فصلًا تاريخيًّا، مما يضطر الدارس في أغلب الأحيان إلى التحقق من الشعر ومن قائله، ورد الشعر والشاعر إلى عصريهما.