responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 187
ويرى الباردوي أن وظيفة الشعر: "تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام, وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق". وقد ردَّدَ هذه المعاني في شعره، بيد أن الشعر قد لا يؤدي وظيفةً ما إلّا التعبير عن شعور الشاعر، وهذه مسألة تحتاج إلى بحثٍ مستفيضٍ نقرر فيه نظرة العرب إلى وظيفة الشعر بخاصةٍ والأدب بعامة، ونظرة الغربيين إلى الشعر ومذاهبهم فيه، وهل للأدب وظيفة, أو هو التعبير لمجرد التعبير، أو للفن كما يقولون[1]؟ ومهما يكن من أمر فإن البارودي لم يفطن إلى كل أغراض الشعر, وما يمكن أن يستخدم فيه، وما قرره في مقدمته من تعريف للشعر ووظيفته يعبر عن مذهبه.
والبارودي مطبوعٌ على قول الشعر، لا ينتزعه انتزاعًا, ويتعسف في نظمه, بل يتدفق على لسانه تدفقًا، وتشعر وأنت تقرؤه أنه يجري في رفقٍ وهوداةٍ ولينٍ, غير قلقٍ أو مضطربٍ أو متكلفٍ، وقد كان البارودي يدرك هذه الميزة في شعره يقول:
أقول بطبع لست أحتاج بعده ... إلى المنهل المطروق والمنهج الوعر
إذا جاش طبعي فاض بالدر منطقي ... ولا عجب فالدر ينشأ في البحر
وعلى الرغم من سليقته المواتية، وحافظته الواعية التي تمده بمخزون الآداب ألفاظًا منمقة ومعاني سامية، فإن البارودي كان من المؤمنين بأن الفن تهذيبٌ وصقلٌ، وجهدٌ متصلٌ، وتحسينٌ مستمرٌ، وأن الطبع وحده لا يكفي، ولذلك كان يتعهده بالتهذيب والرعاية، فقد روي أنه رتَّبَ ديوانه بعد عودته من المنفى، وأعاد النظر فيما قاله من قصائد، وحذف الأبيات التي لا ترقه، حتى لا يخلف للأجيال المقبلة إلّا الشعر المصقول لفظًا ومعنًى:
لم تبن قافية فيه على خلل ... كلّا! ولم تخلف في وصفها الجمل
فلا سناد ولا حشو ولا قلق ... ولا سقوط ولا سهو ولا علل
لا تنكر الكاعب الحسناء منطقه ... ولا يعاد على قوم فيبتذل

[1] انظر دراستنا للمذاهب الأدبية الغربية في كتابنا "المسرحية".
نام کتاب : في الأدب الحديث نویسنده : الدسوقي، عمر    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست