responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 214
والاختلاف ولا شك كان موجودًا -كما رأينا في قراءات القرآن- في النطق ببعض الحروف والأصوات، فإذا لم يحافظ على تبيين هذا الاختلاف في كتابة القرآن الكريم، فهل يحافظ عليه في تدوين الأدب الجاهلي؟ ونحن الآن نقرأ الأدب الجاهلي، وننطق به وهو مكتوب أمامنا بلغة واحدة، وكل قارئ ينطق ألفاظه حسب عادته وطريقته في الأداء، ومن ثم قد يظهر بين الناطقين به في أقطار العالم العربي اختلاف في نطق بعض الحروف أو الألفاظ أو الأصوات، كل حسب ما تعوده لسانه ونشأ عليه منذ الصغر في بيئته الخاصة، ومثل هذا الاختلاف يصور -في نظري- الاختلاف الذي كان بين القبائل المختلفة في العصر الجاهلي.
أما مسألة الاختلاف في بعض الكلمات واستبدالها بكلمات أخرى في بعض القراءات، فذلك قليل ونادر جدًّا، بل حدث ذلك في كلمات معدودات في القرآن الكريم، وكلها طبعًا كانت بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن الكريم نزل بها، ونظير ذلك نجد في الأدب الجاهلي، فكثيرًا ما نجد بعض الألفاظ في بيت أو قصيدة تختلف باختلاف الروايات، فلعل ذلك أثر من آثار اختلاف اللهجات، فيجوز أن الشاعر قالها بحسب لهجة قبيلته ثم غيرها كل راوٍ حسب لهجته، أو لعل الشاعر قالها بألفاظ مختلفة ليجمع في نصه ما يستطيع من لهجات، وذلك في نظري خير دليل على إثبات ظهور الاختلاف بين اللهجات القبلية في الأدب القديم، وإن دراسة شعر الهذليين في المجموعة التي بين أيدينا الآن من مجموعات القبائل التي دونها الرواة، تدل دلالة واضحة على كثير من الألفاظ القبلية التي جمعها العلماء والرواة القدماء بقيت لنا إلى اليوم، لاستطعنا أن نقف منها على كثير من الألفاظ القبلية الخاصة، وحينئذ كان يمكن أن تقوم عليها دراسات لغوية مقارنة ممتعة.
وأما مسألة البحور والأوزان الشعرية، فهي ناحية موسيقية، وهذه تخضع للذوق السمعي للإنسان بحكم كونه إنسانًا، ولا يختلف الإنسان الطبيعي في شأن النغمات الجميلة المستحسنة، فهي ولا شك تنال منه ارتياحًا واستحسانًا مهما اختلفت ظروفه أو بيئته كما هو مشاهد بيننا، فالإنسان يطرب لسماع الموسيقى العذبة الشجية الصادرة من أي مكان وعن أي الأجناس من البشر فكلها توافق الذوق الإنساني السليم. ومن ثم كان لكل إنسان أن يحب، ويعشق، ويردد، ويكرر، ويستعمل، ما يشار منها ما دام قد وافق منه قبولًا ونال عنده الاستحسان

نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست