responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 224
معدوم، وخطر يتهدد النفوس، وظلم واعتداء، وسلب ونهب، وضلال ديني، وفوضى ضاربة أطنابها في كل شيء: فساد وظلام، وزعزعة واضطراب. ومن الطبيعي حينئذ أن يكون من بين أبنائهم من كانت فيهم بصيرة نافذة، وعقول مفكرة، فرأوا ذلك وأحسوه، فاتجهوا بنفوسهم نحو التفكير السليم، والطريق الصحيحة، يتلمسون النور، ويرجون الحق والصواب، وربما كان من هؤلاء من رزقوا الموهبة الفنية الأدبية، فصوروا مشاعرهم، وخلجات نفوسهم في صورة من يرى النور، ويحدوه الأمل، وينتظر تحقيق الرجاء فكان ذلك إرهاص الخير، وبشير الاطمئنان.
لذلك لا نستبعد أن في الجاهلية، وبخاصة تلك الفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، قد وجد بين القوم من صفت نفوسهم، وسما تفكيرهم، فوصلوا بتأملاتهم الدينية إلى شيء من الحقيقة في الدين، وتمنوا أن يتحقق لهم الأمل، وتتضح الحقيقة كاملة جلية. ويقول ابن سلام: "وكان أمية "يعنى ابن أبي الصلت" كثير العجائب، يذكر في شعره خلق السموات والأرض، ويذكر الملائكة، ويذكر من ذلك ما لم يذكره أحد من الشعراء، وكان قد شام أهل الكتاب". ثم يقول ابن سلام: "فحدث سفيان وابن دأب، أن أمية مر بزيد بن عمر بن نفيل أخي عدي بن كعب، وكان قد طلب الدين في الجاهلية هو وورقة بن نوفل، فقال أمية: يا باغي الخير، هل وجدت؟ قال: لا"[77].
وأما ما ينسب إلى الجن من أشعار، فقد قال عنه الأستاذ محمد لطفى جمعة[78]: "والحقيقة أن عرب الجاهلية كانوا يعتقدون بالجن ونظموا شعرًا جاهليًّا عن علاقة الجن بالشعر والشعراء ... ولم تكن أمة سامية أو آرية تخلو من الاعتقاد بالجن، أو الأرواح الخيرة والشريرة". ويقول: "نقرأ الكثير عن الشعر المروي عن الجن والأنس، ولم يخطر ببالنا يومًا، أن المقصود أن الجن قالته حقًّا وصدقًا، وأنها تنشر باللغة العربية والأوزان العربية شعرًا عربيًّا في أمور دينية أو سياسية، ولكنا لو قرأنا، وأدركنا، نعلم أن هذا الشعر يتضمن فكرة الشاعر المعلوم أو المجهول الذي نظمه، ولم ينسبه لنفسه، وأن الجن ليست إلا وسيلة لروايته، كما فعل شعراء الإفرنج، مثل غوته، وشكسبير، ودانتي، وميلتون، فقد أنطقوا الجن في دواوينهم بالشعر والنثر، وزاد دانتى وميلتون بالخوض في وصف الجنة والجحيم، ورويا لنا من شعر

[77] طبقات الشعراء، ص66.
[78] الشهاب الراصد، ص259-212.
نام کتاب : في تاريخ الأدب الجاهلي نویسنده : الجندي، علي    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست