يقول: ذلك الحبيب المعمم رماني بسهم، ثم خاف أن أرميه بما رماني به، وليس يدري أن هواه يكسر قوسي وكفي وسهمي.
يعني: إن سيف الدولة بدأ لي بالاساءة، ثم تغير لي، لأنه حسب أني تغيرت له، فقبل في كلام الأعداء وساء ظنه! وليس يدري أن محبتي له تمنعني من الإساءة إليه، ومقابلته على فعله. وهذا عتاب لطيف.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدّق ما يعتاده من توهّم
يقول: إذا أساء إنسان إلى إنسان، أساء ظنه به وصدق توهمه عليه، لأنه يظن أنه حقد عليه ففسدت نيته.
وعادى محبّيه بقول عداته ... وأصبح في ليلٍ من الشّكّ مظلم
يقول: إذا أساء الرجل إلى صديقه، ظن أنه قد تغير له، فيتنكر في مودته ويعاديه بقول أعدائه.
أصادق نفس المرء من قبل جسمه ... وأعرفها في فعله والتّكلّم
يقول: أصدق الأرواح قبل الأشباح، وأعرف أحوال الأرواح في فعل المرء وكلامه: الذي هو صاحب النفس.
وأحلم عن خلّي وأعلم أنّه ... متى أجزه حلماً عن الجهل يندم
يقول: إذا جهل علي خليلي حلمت، وعلمت أني إذا قابلته بالحلم، ندم على ما بدر منه وعاد إلى الوصل.
وإن بذل الإنسان لي جود عابسٍ ... جزيت بجود التّارك المتبسّم
يقول: إذا شاب الإنسان جوده بالعبوس، جدت له بترك نواله، وتركته وقابلت عبوسه بالتبسم.
وأهوى من الفتيان كلّ سميدع ... نجيبٍ كصدر السّمهريّ المقوّم
السميدع: السيد.
يقول: أحب كل سيد كريم، ماض في أموره نافذاً فيها مثل الرمح المقوم.
خطت تحته العيس الفلاة وخالطت ... به الخيل كبّات الخميس العرمرم
خطت: أي قطعت من خطوت. والكبات: الصدمات والحملات. وروى لبات الخميس والهاء في تحته وفى به للسميدع.
يقول: أهوى كل سيد كريم، قطع الفلوات وشاهد الواقعات، وقارع الأبطال والزمان.
ولا عفّةٌ في سيفه وسنانه ... ولكنّها في الكفّ والفرج والفم
يقول: أهوى من لا عفة له في سيفه وسنانه: أي لا يردهما عن عدوه في قتال، وهو مع ذلك عفيف اليد والفرج والفم.
وما كل هاوٍ للجميل بفاعلٍ ... ولا كلّ فعّالٍ له بمتمّم
يقول: ليس كل من يحب الفعل الجميل يفعله، ولا كل من يفعله يتممه ويربيه. كأنه يعرض بسيف الدولة: أنه لم يتمم إحسانه.
فدىً لأبي المسك الكرام فإنّها ... سوابق خيلٍ يهتدين بأدهم
شبه الكرام بالخيل السوابق، وجعل كافورا فرساً أدهم يتقدمها لسواد لونه. وفداه بجميع الكرام المقتدين به.
أغرّ بمجدٍ قد شخصن وراءه ... إلى خلقٍ رحبٍ وخلقٍ مطهّم
شخصن: أي رفعن أبصارهن.
يقول: هذا الأدهم أغر بالمجد، لا بالبياض، فالمجد يشرق في وجهه إشراق الغرة، والسوابق وراءه ينظرون سعة خلقه وكمال خلقه، شاخصة أبصارهن إليه.
إذا منعت منك السّياسة نفسها ... فقف وقفةً قدّامه تتعلّم
يقول: إذا صعب عليك أيها الإنسان أمر السياسة، فقف بين يديه وانظر إلى سياسته، تتعلم منه حسن السياسة
يضيق على من راءه العذر أن يرى ... ضعيف المساعي أو قليل التّكرّم
راء: مقلوب رأى.
يقول: من رأى كافوراً وصحبه، فلا عذر له في ضعف مساعيه وقلة تكرمه، لأنه يتعلم منه المساعي وكرم الأخلاق.
ومن مثل كافورٍ إذا الخيل أحجمت ... وكان قليلاً من يقول لها اقدمي
اقدمي: من قدم يقدم إذا تقدم.
يقول: من يكون مثله في حال شدة الحرب؟ حين تأخرت الخيل عن الإقدام، ولم يكن هناك من تقدم إلا القليل من الفرسان أي ليس لهمته في هذا الوقت نظير.
شديد ثبات الطّرف والنّقع واصلٌ ... إلى لهوات الفارس المتلثّم
يقول: لا يصرف بصره في المعركة مع تراكم الغبار ودخوله في لهوات الفارس المتلثم.
أبا المسك أرجو منك نصراً على العدا ... وآمل غرّاً يخضب البيض بالدّم
يقول: أرجو منك أن تنصرني على أعدائي، حتى أتمكن منهم، وأخضب من دمائهم سيوفي.
ويوماً يغيظ الحاسدين وحالةً ... أقيم الشّقا فيها مقام التّنعم