يقول: إذا ضرب بالسيف، عمل في يده أكثر مما يعمل في يد غيره، فإذا رأيت ذلك علمت أن السيف عمل على قدر قوة الكف.
تزيد عطاياه على اللّبث كثرةً ... وتلبث أمواه السّحاب فتنضب
تنضب: أي تجف.
يقول: كلما بقيت عطاياه ازدادت ونمت؛ لأنه يهب فرساً فتنتج، أو ضيعةً فتغل، فعطاياه أبداً تزداد وتبقى، لا كعطاء السحاب، فإنه إذا أقام بمكان أياماً جف وذهب.
وقيل: معناه أنه إذا أمسك العطاء، فإنما يؤخره لتكثيره، والماء إذا منع من السيلان، غار ونضب.
وقيل: أراد أن عطاياه متصلة دائمة، فهي أكثر وأثبت من ماء السحاب، لأنها تجيء أحياناً وتقلع أخرى.
أبا المسك هل في الكأس فضلٌ أناله؟ ... فإنيّ أغنّي منذ حينٍ وتشرب
يقول: أنا أغنيك بمدحك، وأطربك، وأنت تشرب كأس السرور بما أنظمه من أوصافك، فاسقني من فضلة هذا الكأس: أي اجعل لي في سرورك نصيبا بإنجاز ما وعدت.
وقيل: أراد أن مديحي يطرب، كما يطرب الغناء الشارب.
وهبت على مقدار كفّي زماننا ... ونفسي على مقدار كفّيك تطلب
يقول: أنت إنما وهبت من المال على قدر همة الزمان، وأنا أطلب منك على قدر همتك ومبلغ جودك.
وحكى ابن جني عنه أنه قال: كنت إذا خلوت أنشدت.
وهبت على مقدار كفّيك عسجداً ... ونفسي على مقدار كفّيّ تطلب
إذا لم تنط بي ضيعةً أو ولايةً ... فجودك يكسوني وشغلك يسلب
يقول: إذا لم تقطعني ضيعةً، أو توليني ولايةً تفضل عن مؤنتي، فإنه وإن كساني جودك، فإن اشتغالك بتدبير الملك عنى، يسلبني ما يكسوني إياه جودك.
يضاحك في ذا العيد كلٌّ حبيبه ... حذائي وأبكى من أحبّ وأندب
يقول: كل أحد في هذا العيد يسر بأهله في وطنه، وأنا بعيد عمن أحب، أبكى على فراقه، وأشتاق إلى لقائه.
أحنّ إلى أهلي وأهوى لقاءهم ... وأين من المشتاق عنقاء مغرب؟
يقال: عنقاء مغرب وصفاً وإضافة. وهو جعله وصفاً. ومغرب: أي بعيد، يقال: أغرب في البلاد وغرب: إذا خرج منها.
يقول: أنا أشتاق إلى أهلي، وأشتهي لقاءهم، ولكن بيني وبينهم بعد العنقاء، فهل أصل إليهم؟! فاشتياقي إليهم كاشتياق المشتاق إلى عنقاء مغرب! فكما لا يصل إليه كذلك وصولي إلى أهلي.
وقيل: معناه أرى الناس يضربون المثل في البعد بالعنقاء، ولو عقلوا لضربوا بالمغرب عن الوصل؛ لأنه أبعد من العنقاء.
فإن لم يكن إلاّ أبو المسك أو هم ... فإنّك أحلى في فؤادي وأعذب
يقول: متى لم يكن لي إلا أنت، أو أهلي، فإن الذي أختاره، هو الكون عندك، والمقام في خدمتك، دون الأهل الذين أشتاقهم.
وكلّ امرئٍ يولي الجميل محبّبٌ ... وكلّ مكانٍ ينبت العزّ طيّب
يقول: أنت تفيض على نعمك، وأكتسب العز عندك، فقلبي يحبك، والمقام يطيب لي بقربك.
يريد بك الحسّاد ما الله دافعٌ ... وسمر العوالي والحديد المذرّب
المذرب: المحدد.
يقول: يريد بك الحساد السوء، والله تعالى يدفع عنك، وكذلك تدفعه رماحك وسيوفك الحداد.
ودون الّذي يبغون ما لو تخلّصوا ... إلى الشّيب منه عشت والطّفل أشيب
يقول: دون ما يرومون من كيدك حروب، لو سلموا من أهوالها إلى الشيب، لشيب رءوس أطفالهم، ولكنك متى أرادوا بك سوءاً، قصدتهم بمكر، أو ضرب، يأتي على أنفسهم ويفني حياتهم، وقوله: عشت دعاء للممدوح.
إذا طلبوا جدواك أعطوا وحكّموا ... وإن طلبوا الفضل الّذي فيك خيّبوا
يقول: إذا طلبوا عطاءك أعطيتهم وحكمتهم فيه، وإن طلبوا فضلك خيبتهم وحرمتهم.
ولو جاز أن يحووا علاك وهبتها ... ولكن من الأشياء ما ليس يوهب
يقول: من الأشياء ما لا يجوز هبته، وعلاك من جملة ذلك؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يحويها، فلست تمنعهم ذلك للبخل.
وأظلم أهل الظّلم من بات حاسداً ... لمن بات في نعمائه يتقلّب
يقول: أظلم الظالمين، من يحسد الذي ينعم عليه، فهو يتقلب في نعم المحسود، فحسادك يتقلبون في نعمك، ومع ذلك يحسدونك!
وأنت الّذي ربّيت ذا الملك مرضعاً ... وليس له أمٌّ سواك ولا أب
يقول: ربيت هذا الملك وهو ضعيف حتى شددته وقهرت أعداءه، فليس له كافل سواك، وأنت أولى به ممن عجز عن تدبيره وسياسته.