فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعًا من العبادة، مثل أن يقول يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل» .
إلى أن قال: «ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يُشرع بناء المساجد على القبور ولا الصلاة عندها؛ وذلك لأن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان تعظيم القبور. ولهذا اتفق العلماء على أن من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره لا يتمسح بحجرته ولا يُقَبِّلها؛ لأن ذلك إنما يكون لأركان بيت الله فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق، كل هذا لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملاً إلا به ويغفر لصاحبه ولا يغفر لمن تركه، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48] [سورة النساء، آية: 48] .
وقال: «النوع الثاني: من الأمور المبتدعة عند القبور أن يسأل الله تعالى به وهذا يفعله كثير من المتأخرين وهو من البدع المحدثة في الإسلام، ولكن بعض العلماء يرخص فيه وبعضهم ينهى عنه ويكرهه وليس هذا مثل النوع الذي قبله فإنه لا يصل إلى الشرك الأكبر عند من كرهه، ولا يسمى هذا استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وإنما هو سؤال به، والفرق بينه وبين الذي قبله فرق عظيم أبعد مما بين المشرق والمغرب» .
وقال: «والتوسل إلى الله في الدعاء بغير نبينا صلى الله عليه وسلم لا نعلم أحدًا من السلف فعله ولا روي فيه أثر، وقد قال أبوالحسين القدوري الحنفي في شرح الكرخي: قال بشر بن الوليد: سمعت أبا يوسف قال: قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك أو بحق خلقك. وهو قول أبي يوسف قال أبو يوسف: بمعقد العز من عرشك هو الله فلا أكره هذا [1] وأكره بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت والمشعر الحرام بهذا الحق يكره قالوا جميعًا. انتهى.
وكذلك قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام الفقيه الشافعي في فتاويه المشهورة عنه: أنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى بخلقه إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه يعني حديث [1] وقد صحَّ الحديث في ذلك وتقدم تخريجه.