ولا يخفى أن من تدبر في توحيد الماتريدية يتبين له ما يلي:
أولا: إنه لا يوجد عندهم توحيد الألوهية ولا اهتموا به، مع أن توحيد الألوهية هو المقصد الأعلى والهدف الأسمى من خلق الكون وما فيه وإنزال الكتب وإرسال الرسل كما تقدم بيانه.
ثانيا: اهتمامهم الكبير بتوحيد الربوبية فقد جعلوه هو المقصد الأعلى والغاية العظمى، مع أنه فطري لم يختلف فيه أهل الملل والنحل.
ثالثا: قصدهم بتوحيد الذات أن الله لا يتجزأ ولا يتبعض بل هو سبحانه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد [1].
وهذا حق، لكنهم أدخلوا فيه نفي كثير من الصفات كالوجه واليدين، وأدخلوا فيه نفي علو الله على خلقه، واستوائه على عرشه. فهم يظنون أنه لو ثبت لله هذه الصفات لكان الله مركبا مبعضا. فكلامهم هذا من قبيل كلمة حق أريد بها باطل.
"ب" أول واجب على المكلف:
أول واجب على المكلف عند السلف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أما الماتريدية فقالوا: إن أول واجب على المكلف النظر والاستدلال المؤدي إلى المعرفة بالله، وأن معرفة الله [2] واجبة بالعقل، ولو لم يكن الشرع [3]، وهم مقلدون في هذا المعتزلة. [1] مجموع الفتاوى 3/100. [2] إشارات المرام ص84؛ وضوء المعاني ص89؛ وشرح العقيدة الطحاوية للبابرتي ص30. [3] إشارات المرام ص563؛ ونظم الفرائدص35؛ وشرح الإحياء 2/190-193