وما ادعاه ابن حجر حين قال: "ولم أر في كلام أحد من الشراح حمل هذا الحديث على معنى خطر لي، فيه إثبات التنزيه، وحسم مادة التشبيه عنه، وهو: أن الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلم إنما هي بالنسبة إلى عين الدجال فإنها كانت صحيحة مثل هذه ثم طرأ عليها العور لزيادة كذبه في دعوى الآلهية.. ولم يستطع دفع ذلك عن نفسه"[1].
ما ادعاه هنا من تأويل لهذا الحديث، في نظري أنه يصرف الإشارة عن مقصدها السديد وهو تحقيق اتصافه سبحانه بصفة العين حقيقة لا تأويل فيها، وليس في هذا المعنى تشبيه لأن المقصد تحقيق الوجود على ما يليق بالله تبارك وتعالى.
وإثبات البيهقي - رحمه الله - لهذه الصفة إثبات وجود لا تكييف فيه لا ريب أنه بعينه مذهب السلف، كما ذكره هو نفسه عن ابن عباس في تفسير الآية، وكما بينت أنه رأي قتادة واختيار الإمام الطبري، وهو ما ذهب إليه الإمام ابن خزيمة حيث قال بعد أن ساق الآيات التي ذكرها البيهقي: "فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما أثبت الخالق البارىء لنفسه من العين، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد أثبته في محكم تنزيله"[2].
وكما يظهر من اقتصار البيهقي - رحمه الله - على الألفاظ الواردة في الآيات من ذكر عين واحدة، أو أعين، وجمعه بين لفظي الإفراد والجمع بأن المراد: صفة واحدة، والجمع على معنى التعظيم[3]. [1] ابن حجر، أحمد بن عليّ، فتح الباري13/390. [2] ابن خزيمة، كتاب التوحيد ص: 42. [3] الأسماء والصفات ص: 313.