ومن هنا يعلم أن مقالة التعطيل أساسها التمثيل، فالمعطل بلغ درجة التعطيل لما مثل، فلم يفهم من الصفة التي أضيفت إلى الله إلا عين الصفة التي يعلمها من المخلوق، فكل معطل سائر تحت هذا الوهم الفاسد كما قال أحد هؤلاء يصف المتكلمين: "أناس مضوا تحت التوهم يظنون أن الحق معهم ولكن الحق ورائهم"، هذا ذكره الذهبي عن أبي حيان التوحيدي، ثم قال: "وأنت حامل لوائهم".
يقولون: لو أثبتنا الرؤية لله حقيقة، لأثبتنا له الجسمية ولشبهناه بالمخلوق الحادث؛ لأن الرؤية لا تقع إلا على ذي جسم، وهذا قياس فاسد، حيث قاسوا الله بالمخلوق، ولهذا قال السلف: "ولا يقاس بخلقه"، فالناظم جاء بهذا البيت؛ ليزيل التوهم الذي قد يأتي، وهذا التوهم جاء بعد مقالة الجهمية، وأما قبلها فلا وهم، فإن الصحابة لم يخطر ببالهم شيء من ذلك.
أي مع أنه يُرى يوم القيامة حقيقة بالأبصار (ليس بمولودٍ وليس بوالدٍ) أي لم يتفرع عن غيره ولم يتفرع عنه غيره وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} (الإخلاص: 3،4) .
(وليس له شبه) أي: الله سبحانه وتعالى، والشبه هو المثيل والنظير، والله لا شبيه له ولا مثيل له ولا نظير افي أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله.
قال الله تعالى: {ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: من الآية11)
وقال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} (مريم: من الآية65)