وإنكار وحدانيته، ومعرفة مكانه واستوائه على عرشه بتأويل ضلال، به هتك الله سترهم، وأبدى سوءتهم، وعبر عن ضمائرهم، كلما أرادوا به احتاجا، ازدادت مذاهبهم اعوجاجا، وازدادوا أهل السنة بمخالفتهم ابتهاجا، ولما يخفون من خفايا زندقتهم استخراجا"[1].
التوحيد عند الفلاسفة:
كان المأمون العباسي شديد الشغف بالعلوم القديمة، وانتشرت في عهده ترجمة كتب غير المسلمين، وغير العرب، ونقلت إلى بلاد المسلمين، وكان من بينها كتب الفلاسفة، إذ بعث إلى بلاد الروم من ترجم له كتبهم، ونقلها إليه فانتشر مذهب الفلاسفة بانتشار كتبهم في أكثر الأمصار الإسلامية، وأقبل عليها المعتزلة والقرامطة والجهمية وغيرهم، وأكثروا النظر فيها، وقراءتها، وازدادوا بها بلاء إلى بلائهم، ودخل على المسلمين بذلك، من آراء الفلاسفة وضلالهم ما لا يعلم مداه إلا الله، وزاد به ضلال أهل البدع والانحراف[2].
وكان ممن اشتهر بذلك، وتكلم به، ودعا إليه، الرازي، والفارابي، وغيرهما ممن فتنوا بآراء الفلاسفة، كسقراط وأفلاطون، وأرسطو، وغيرهم.
وخلاصة معنى التوحيد عندهم: أن الله عز وجل موجود ولا ماهية له ولا حقيقة، فلا ماهية عندهم زائدة على الوجود، ولا يعلم الجزئيات، ولا [1] الرد على الجهمية والزنادقة للدارمي ص 116-117. [2] انظر الخطط المقريزية لتقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المقريزي 2/357، وانظر الفتاوى لابن تيمية 4/21.