نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 164
الإجماع الثاني والأربعون
وأجمعوا على أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته، وعلى أنه يخرج من النار قوماً من أمته بعد ما صاروا حمماً، فيطرحون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السبيل[1]. [1] أجمع أهل السنة على أن الشفاعة حق وواقعة في يوم الدين، وقالوا إن المراد من قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} الشفاعة وقد روى ذلك أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن، وابن أبي عاصم في السنة وقال الألباني: حديث صحيح لكثرة شواهده. (انظر 2/364) .
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" أخرجه الترمذي من حديثه ومن حديث أنس في كتاب القيامة باب 11 جـ4/625، وابن ماجة في كتاب الزهد باب 37 ج2/1441، وأحمد في المسند 3/213، وانظر أيضاً كتاب الرقاق من صحيح البخاري باب 51 ج7/204- 206، وكتاب التوحيد باب 31 ج8/192.
وقال الإمام أحمد: "والشفاعة يوم القيامة حق، يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار، ويخرج قوم من النار بشفاعة الشافعين، ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها ولبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار". (انظر رسالة السنة ص73، وانظر أيضاً التوحيد لابن خزيمة ص241- 317، والشريعة للآجري ص331، والفرق بين الفرق ص348، والفصل لابن حزم 4/3، 64) .
وقال ابن أبي زمنين: "وأهل السنة يؤمنون بالشفاعة، وقال عز وجل: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} (انظر أصول السنة/ ق/ 9/ ب) .
وقال ابن تيمية: "أما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم وأنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية" (انظر مجموع الفتاوى 1/ 148، و11/ 184، 185) .
وقال السفاريني: "شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم نوع من السمعيات وردت بها الآثار حتى بلغت مبلغ التواتر المعنوي، وانعقد عليها إجماع أهل الحق من السلف الصالح قبل ظهور المبتدعة" (انظر لوامع الأنوار 2/ 208) .
وقد أنكر الخوارج والمعتزلة الشفاعة، وردوا النصوص الصريحة في ذلك وقد سبق أن أشرت إلى مقالتهم في الإجماع السابق، وانظر شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار ص688- 693.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن الشفاعة لا تكون إلا لمذنبي أهل القبلة الموحدين فقط، أما من أشرك بالله سبحانه وتعالى بأي لون كان من ألوان الشرك - لم يتب - فليس له نصيب في الشفاعة، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه". انظر البخاري كتاب العلم باب 33 ج1/233، وكتاب الرقاق باب 51 ج7/204، ومسند أحمد 2/373.
والشفاعة أنواع متعددة، يطول بنا الكلام لو ذكرت، وقد أشار الإمام أحمد إلى ذلك في كلامه السابق. وانظر شرح الطحاوية ص174- 178) .
نام کتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب نویسنده : الأشعري، أبو الحجاج جلد : 1 صفحه : 164