وقد يقولون: إن الشرائع تلزم العامة دون الخاصة، فإذا وصل الرجل إلى درجة العارفين والمحققين عندهم ارتفعت عنه التكاليف فسقطت عنه الواجبات، وحلت له المحظورات، وقد يوجد في المنتسبين إلى التصوف والسلوك من يدخل في بعض هذه المذاهب، وهؤلاء الباطنية هم الملاحدة الذين أجمع المسلمون على أنهم أكفر من اليهود والنصارى، لعظم إلحادهم ومخالفتهم لجميع الشرائع الإلهية.
6 ـ شرح المثل الثاني الذي ضربه شيخ الإسلام من المباينة لمباينة الروح بالمخلوقات:
يسهب شيخ الإسلام بتمهيد طويل عن الروح بذكر مذاهب الناس فيها واضطراب الناس في حقيقتها واختلافهم اختلافاً شديداً متبايناً، وسأضرب صفحاً عن هذا الاستطراد حتى لا يتشتت ذهن القارئ وأُبيِّن المقصود فيه.
وإيضاح هذا المثل: أن الروح التي بها الحياة، وهي أقرب شيء إلى الإنسان وقد وصفت بأنها تقبض من البدن ويصعد بها إلى السماء ويعاد بها إلى البدن ولا ينكر أحد وجودها حقيقة، وقد عجز الناس عن إدراك كنهها وحقيقتها إلا ما علموه عن طريق الوحي، فإذا كانت الروح حقيقة واتصافها بما وصفت به في الكتاب والسنة حقيقة مع أنها لا تماثل الأجسام المشهورة كان اتصاف الخالق بما يستحقه من صفات الكمال مع مباينة للمخلوقات من باب أولى، وكان عجز أهل العقول عن الله أو يكيفوه أبين من عجزهم عن حد الروح وتكيفها.
7 ـ تعريف القدر المشترك:
القدر المشترك هو: "المعنى الكلي الذي لا يوجد إلا في الذهن".
وبعبارة أخرى: فإن القدر المشترك بين الأسماء والصفات المقولة على الرب وعلى غيره، هو المعنى اللغوي الذي نفهمه من لغة التخاطب ـ اللغة العربية ـ التي نزل بها الوحي، وهو المشترك المعنوي الذي تتفاضل أفراده، وهو المشكك أحد أقسام المتواطئ وهو شبه بين هذه الأسماء