والعفو إنما يكون كمالا إذا كان مع قدرة؛ ولهذا قرن الله بين هذين الاسمين العفو والقدير، فعفوه لا عن عجز، بل مع قدرة، وهكذا قوله تعالى: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) } [1] فيه إثبات اسمين من أسمائه، وهما الغفور الرحيم، وقد تقدم لهذا نظائر فهو الغفور والغفور صيغة مبالغة تدل على كثرة مغفرته للذنوب، فهو الغفور، وهو الغفار، وهو غافر الذنب، وهو الرحيم ذو الرحمة الواسعة، وهو الرحيم الذي لم يزل موصوفا بالرحمة، وفي هاتين الآيتين ترغيب في العفو والرحمة، فإن الجزاء من جنس العمل، فمن عفا عفا الله عنه، ومن غفر غفر الله له {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [2] {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [3] {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [4] {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) } [5] .
ومن سنة الله في الجزاء أن يجازي كلا بجنس عمله، {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) } [6] وفي الدعاء المأثور الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم المؤمنين عائشة حين سألته قال: " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " فالله يحب لعباده أن يعفو بعضهم عن بعض، وأن يغفر بعضهم لبعض {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [7] {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [8] {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) } [9] . [1] - سورة النور آية: 22. [2] - سورة النور آية: 22. [3] - سورة النور آية: 22. [4] - سورة النور آية: 22. [5] - سورة النساء آية: 149. [6] - سورة الرحمن آية: 60. [7] - سورة النور آية: 22. [8] - سورة النور آية: 22. [9] - سورة النور آية: 22.